توتر دار الرئاسة اليمنية يتبعه اتفاق

توتر دار الرئاسة اليمنية يتبعه اتفاق

منذ اللحظات الأولى لتوقيع صيغة المبادرة الخليجية، برز مضمونها الحامل صواعق عدة لانفجاراتٍ لاحقة. وهو ما عاشته الجبهة اليمنية في الأشهر الأخيرة، وما أسس لتصعيد الأسبوع الماضي المتجسد بالأحداث الأمنية التي شهدها محيط القصر الرئاسي.

عملياً، كرَّست المبادرة الخليجية الساحة اليمنية ساحةً مشتعلة. حيث تضمنت بنود المبادرة خلق هامش حركة واسع أمام القوى السياسية للالتفاف على مسار الحوار الوطني الذي لم ينته بعد. وعلى هذا الأساس، تعزز دور السلاح سبيلاً لدى معظم القوى اليمنية للحؤول دون تحقيق تجاوزات الأطراف الأخرى. يأتي ذلك في ظل وضعٍ دوليٍ جديد فتح هامشاً أوسع للحلول السياسية على حساب العسكرية منها، وهو ما تجسد حتى في التصعيد الأخير الذي شهده قصر الرئاسة اليمنية.
الانقسام السياسي يؤسس للتصعيد
مع بداية الحوار اليمني، سقطت فعلياً المبادرة الخليجية التي أتت في حينه معبرةً عن الاختراق الخليجي والأمريكي في اليمن. لكن سقوط المبادرة لم يؤسس إلى سقوط الولاءات الإقليمية التي ما زالت تحكم عمل القوى السياسية والعسكرية اليمنية. عليه، جاء الاستفراد الذي أبداه الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بتشكيل الحكومة الأخيرة، وما تلاها من موجة واسعة من التعيينات الرئاسية لمسؤولين غير متفق عليهم في إطار الحوار الوطني. بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الخلافات إثر الحديث عن مشاريع إنمائية مقتصرة على بعض المحافظات في إطار الحديث عن اعتماد أربع فيدراليات في اليمن. وما بين حجة الرئيس بعدم المساس بصلاحياته، وحجة الحوثيين بضرورة اعتماد التعيينات بعد انتهاء الحوار الوطني، جاءت الأحداث في محيط قصر الرئاسة لتعبر عن مدى الشرخ السياسي في اليمن.
اتفاق شامل وتنازلات متبادلة
إثر ذلك، اقتحم الحوثيون دار الرئاسة والقصر الجمهوري ومقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد حصارها يوم الاثنين 19\1\2015، ليغادر الرئيس هادي مقره باتجاه عدن. وفي هذا السياق عقد مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً طارئاً في الرياض لمناقشة التدهور الأمني والسياسي في اليمن، أعلن خلاله وقوفه مع الرئيس هادي ضد ما سمَّاه «الانقلاب على الشرعية».
وبعد حوارٍ دام ليومين بين رئاسة الجمهورية ولجنة مأرب الرئاسية التابعة لجماعة «أنصار الله»، توصل الطرفان إلى اتفاقٍ التزمت الحكومة فيه بإمكانية تعديل الدستور، حذفاً أو إضافةً، على أن تكون مسودة الدستور «خاضعة للنقاش بين كافة المكونات»، بالإضافة إلى تثبيت اليمن دولة اتحادية، وتوسيع العضوية في مجلس الشورى، وأن يكون لـ«أنصار الله» و«الحراك الجنوبي السلمي» حق التعيين في كل مؤسسات الدولة «بتمثيلٍ عادل». وفي المقابل، التزم «الحوثيون» بإطلاق سراح مدير مكتب الرئاسة اليمنية، أحمد بن مبارك، والانسحاب من الأماكن المطلة على منزل الرئيس اليمني ودار الرئاسة والقصر الجمهوري. فيما اتفق الطرفان على عودة الحكومة ومؤسسات الدولة إلى العمل والتنسيق الأمني بين الطرفين.
على الإثر، جاء الموقف الأمريكي على لسان وزير الخارجية، جون كيري. وبدا أنه مؤشر على نوايا عرقلة الاتفاق، أعلن كيري أن الرئيس اليمني قد «أجبر» على توقيع الاتفاق، بعد قيام الحوثيين بأعمالهم العسكرية حول قصر الرئاسة. معرباً عن تأكيده «شرعية» هادي رئيساً للجمهورية. وفي محاولة لزيادة مستوى التعقيد أكثر، يبدو أن الإدارة الأمريكية قد ذهبت في هجومها العنيف ضد مساعي الحلول السياسية حداً ضغطت فيه على الحكومة اليمنية لتقدم استقالتها، التي تبعتها تقديم الرئيس اليمني استقالته يوم 22/1/2015، قبل أن يرفض البرلمان المصادقة عليها، في وقت أعلن فيه بالرياض للمصادفة عن وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز، ما يفترض وقتاً ما أمام المملكة السعودية لإعادة ترتيب أوراق حكمها بالداخل وإعطاء الملفات اٌلإقليمية بالخارج فسحة ما.