المرحلة الانتقالية الملتهبة في مصر
يزداد النقاش والسجال ويتعمق الانقسام في دوائر الدولة المصرية وفي المجتمع حول جملة قضايا يكون الربط بينها ضرورياً للخروج من الأزمات التي تتعرض لها البلاد وأهمها الانتقال من النظام القديم، المستمر بفعل قوى الثورة المضادة والذي كان هو السبب الرئيسي لكل المشاكل والأزمات، إلى المنظومة الجديدة.
إن أهم مايميز مصر وجزء من دول العالم الثالث هو تضخم وتوسع جهاز الدولة وسطوته على المجتمع كما أنه يضم في داخله معظم التوجهات السياسية، من القوى اليمينية الليبرالية إلى القوى الوطنية ذات التوجه الوطني. تنعكس هذه الميزة اليوم في المرحلة الانتقالية. فطريقة إدارة الاقتصاد الوطني وسبل البحث عن مصادر التمويل وطريقة التعامل مع الحراك الشعبي والقوى السياسية، والعلاقات الخارجية والعلاقة مع الكيان الصهيوني. كل هذه الأمور تؤشر على أن الأداء الرسمي المصري هو محصلة توجهات لكل القوى السياسية المتضاربة والمتصارعة فيما بعد مبارك.
القضية الاقتصادية والتمويل
يدور الجدل حول محورين رئيسيين للتمويل: صندوق النقد وقطر وبعض دول الخليج من جهة، ودول البريكس وإيران وبعض الدول الدائرة في فلكها كباكستان من جهة أخرى، ومن المتوقع أن يكون الحسم في التوجه الاقتصادي مبنياً على مستوى التوافق السياسي الداخلي. فرغم توقع وزير التخطيط المصري أشرف العربي عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإمكانية تسلم الدفعة الأولى من قرض الصندوق قبل ختام السنة المالية الحالية، التي ستنتهي في أواخر حزيران المقبل، حيث نقل الموقع الالكتروني لصحيفة «الأهرام» المصرية عن العربي قوله إن البعثة الفنية لصندوق النقد ستصل إلى القاهرة خلال أيام لاستكمال المباحثات التفصيلية.
إلا أن ألكسندر لوكاشيفيتش الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أكد يوم 21 آذار أن مصر ستشارك في مؤتمر «بريكس-أفريقيا» في إطار قمة مجموعة دول «بريكس» والمقرر عقدها في 27 آذار في مدينة دوربانا في جنوب أفريقيا. كما أجرى الرئيس المصري زيارة لكل من باكستان والهند إضافة لتحسن العلاقات مع إيران .وقد أكد الرئيس المصري محمد مرسي في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس وزراء
الهند مانموهان سينغ يوم الثلاثاء 19 آذار، على أهمية العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين ودعا الجانب الهندي إلي زيادة حجم الاستثمارات في مصر خاصة في مشروع قناة السويس.
مستقبل «الإخوان»
يزداد الصراع حدة بين القوى السياسية المختلفة، وفي مستوى آخر بين كل هذه القوى من جهة وجماهيرها بالجهة المقابلة، وكان آخر نتائج هذه الصراعات هو إعلان الحكومة المصرية الخميس 21 آذار أن جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة أهلية في محاولة لتثبي مشروعية قانونية للجماعة، وذلك بعد يوم من إعلان عدد من القضاة بأن الحركة الإسلامية ليس لها أي وضع قانوني. وكانت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا قد أيدت الخميس 21 آذار في تقرير لها حكماً صدر عن محكمة القضاء الإداري بتأييد قرار مجلس قيادة ثورة 1952 بحل جماعة الإخوان واعتبارها كياناً غير قانوني، مما دفع الإخوان إلى المبادرة بتسوية وضعهم.
الوضع الميداني الملتهب
تسود حالة من الاستقطاب الدامي بالشارع المصري، حيث تغذي القوى اللاوطنية هذه الاستقطاب وذلك لإبعاد المصريين عن صراعهم الحقيقي، الصراع لأجل الكلمة الحرة واللقمة الكريمة ومقاومة الكيان الصهيوني وعودة مصر لدورها الإقليمي، وهو ما يعني التغيير الجذري. وكان آخر الأحداث الدامية في هذا السياق ماجرى في مظاهرات يوم الجمعة 22 آذار، حيث تجمع الآلالف بالقرب من المقر الرئيسي للجماعة الإخوان في المقطم احتجاجاً على سياساتهم، وتصاعدت الهتافات المناهضة لهم وكان أبرزها «خرفان قطيع ماشين ورا بديع» و»يسقط حكم المرشد». كما ردد شباب الجماعة أمام مقرهم بالمقطم هتافات ضد شباب القوى المناهضة لهم، قائلين: «لا لا لا للعلمانية مصر بلدنا إسلامية»، واستمرت حالة الكر والفر بين الطرفين وذلك رغم قيام قوات الأمن المتمركزة في محيط مقر مكتب الإرشاد في المقطم في إغلاق الشوارع المؤدية إلى المقر، وخلفت هذه الاشتباكات 127 مصاباً وفقاً لتصريح رئيس هيئة الإسعاف المصرية كما أصيب 73 شخصاً آخرين خلال احتجاجات مناوئة للجماعة بمناطق أخرى وذلك بسبب استخدام طلقات الخرطوش والزجاجات الحارقة وأسلحة بيضاء وقضبان الحديد والعصي والحجارة في الاشتباكات.