إلى الشعب السوري العظيم !
بداية ألتمس العذر منكم إذ أحجمت عن تذييل اسمي تحت هذه الرسالة التي أرفعها لكم، رسالة غفران من مواطن قدر له الإنتماء إلى جزء من الوطن العربي اختطفه الطغيان وسادته أنظمة العمالة والنهب والاستبداد. رسالة غفران إذ وضعنا كمواطنين خليجيين في خندقأعدائكم رغماً عن إرادتنا. انني لأشعر بالألم والخجل والمرارة إذ توظف خيرات الخليج لسفك دمائكم وهدم بيوتكم وقراكم الآمنة. أتألم لاحتراق حقولكم ومزارعكم المعطاءة، ولزج الملايين منكم في الجوع والبؤس والاقتتال.
كثيرون منا شربوا من ماء الفرات ونبع بردى ومياه بقين، واستنشقنا هواء أريافكم ومصايفكم. كثير من أبنائنا نهلوا العلم في جامعاتكم واقتسموا الخبز معكم. كثير من أبنائنا وجدوا ملاجىء في أحضان الشام هرباً من الملاحقة والاضطهاد. كانت الشام ساحة للأحرار من أبناءالخليج المناضلين في سبيل الحرية والاستقلال والتقدم الاجتماعي. كانت الشام ملاذاً لقيادات الحركة الوطنية في الخليج وسنداً لهم بعد أن جار عليهم الزمن.
هي سورية البلد العربي الوحيد الذي شرع أبوابه لكل العرب دون حواجز، واستقبل ملايين اللاجئين العراقيين الذين اقتلعهم أدعياء الحرية في واشنطن. هي سورية التي وقفت مع حركة التحرر العربية وتحالفت مع قوى الخير والتقدم في العالم. هي سورية التي ينصب عليهاالعدوان اليوم ويستهدف شعبها ووحدتها وسيادتها ونهجها الممانع.
نحن أبناء الخليج التواقون إلى التحرر من استبداد وهيمنة حكم العائلة واستلاب حرية شعوبنا وخيراتها واستباحة أراضينا لقواعد الحرب والدمار، نقدر تماماً توقكم إلى الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي. نتعاطف معكم ونحيي نضالكم المشروع في سبيل العدالة والانتقالالسلمي للسلطة وتداولها ولتعزيز دور سورية المحوري في حركة التجديد في البلاد العربية. هذا هوموقف غالبية أبناء شعبنا في الخليج قاطبة، وهو موقف يقطع مع، بل ويناقض الموقف الرسمي المنخرط في مؤامرة شريرة لتفتيت سورية والانتقام من شعبها ودورها ومناحتمال أن تتحول إلى نموذج ديمقراطي حر في بحر من أنظمة مستبدة مكسورة وعميلة.
هؤلاء المتصدرون للمعركة ضد سورية بحماس مجنون ويبعثرون أموالنا المنهوبة لشراء العملاء من مجلس اسطنبول ونزلاء فنادق الخمس نجوم والأفّاقين المدعين بالحرية المخضبة بدم أبنائكم الأبرياء والمنادين بالممرات الآمنة وبالحظر الجوي وبقصف مدنكم وقراكم،المتحالفين مع الإرهاب وقوى الظلام. نحن أدرى بحكامنا وحقيقة فهمهم وتطبيقهم للديمقراطية في بلداننا. انظروا إلى بيوت الصفيح والعاطلين والمتسولين والأميين من أبنائنا، وفي مقدمتهم أبناء السعودية الذين يعيشون على الفتات من الخيرات التي يصادرها آل سعود وبطانتهم.نحن نعيش الزيف الاجتماعي وتشوه التطور الاقتصادي والاجتماعي المعتمد على مصادر الطاقة وأساطيل الناتو.
لسنا نحن أبناء الخليج نحاصركم ونمنع عنكم الطعام والشراب والدواء، ونستعدي عليكم بلاد الدنيا لتدمير اقتصادكم وحشركم في زاوية الاستسلام والخنوع. بل نحن مع تطلعاتكم المشروعة وازدهاركم. نحن نعتز بأخوتكم وكرمكم وروحكم الوطنية الأصيلة. ونحن إذ نناضلمن أجل حريتنا وحقوقنا في بلداننا إنما نتوحد معكم ونستلهم صفحات من تاريخكم وتاريخ حركتكم الوطنية والتقدمية. نحن لا نقبل بسلبيات أوضاعكم وتشوهات التطور الاقتصادي والفساد واحتكار السلطة والكبت أيّا كان شكله، لكن التغيير هي مهمتكم بإمتياز، ولايحق لأيكان أن يفرض شكل التغيير وزمانه أو أن يتدخل في شؤون سورية الداخلية لتحقيق أهداف أعداء سورية في الناتو واسرائيل، ومن الرجعيين العرب. نحن نواكب بوادر إنجازاتكم التي ستتعمق بنضالكم ووحدتكم وبقطع دابر الإرهاب والعدوان الخارجي.
نحن نحيي الدور الروسي والصيني وكل الحريصين على وحدة سورية وحرية شعبها وتقدمه، ونتألم من أن سياسة بلداننا الخارجية يديرها مراهقون سياسيون يجهلون ألفَ باء السياسة الخارجية والعلاقات الدولية بما يضر بمصالحنا الوطنية ويخدم أعداءنا ويكشفنا أمامهم.
نحن واثقون من أن هذه السحابة سوف تنقشع، وستحققون أهدافكم العادلة، وستحمون سورية العزيزة من أعدائنا، ولقد بدأت المؤامرة تتهاوى وبدأتم تلتمسون دروب التغيير بإرادتكم الوطنية الحرة المستقلة. نشد على أيديكم وقلوبنا معكم واعذرونا عما يفعل سفهاؤنا فيكم.
تحية لكم ولقواكم الوطنية وكل الخيـّرين من أبنائكم وأنحني أمام كل ثكلى وكل يتيم وكل مصاب من ابنائكم الأعزاء ممن استهدفتهم رصاصات مُولت من خزائننا ملتمساً الصفح والغفران. عشتم وعاشت سوريا.
• مواطن خليجي