كيري... وإنجاز صفقة العار 2/2
لم تكن المادة المنشورة في صحيفة «معاريف» الصهيونية في عددها الصادر في اليوم الأول من العام الحالي، مجرد «سبق صحفي» حينما أعلنت بأن (الحكومة تسعى لتسليم مناطق من المثلث ذات الأغلبية العربية للسلطة الفلسطينية مقابل احتفاظها بالتجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية)
وأضافت الصحيفة (أن فكرة نقل هذه المناطق التي يعيش فيها حوالي 300 ألف فلسطيني للسلطة الفلسطينية، تأتي في إطار فكرة تبادل الأراضي بين الطرفين، بالإضافة إلى الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة العبرية). كما أشارت معاريف إلى (أن هذه الإمكانية طُرحت في إطار النقاشات التي تجريها «اسرائيل» مع الولايات المتحدة حول فكرة تبادل الأراضي)، وفقاً لما ذكره مصدر مقرّب من المفاوضات لـلصحيفة. ومن جهته، شدد «ليبرمان» أنه (من دون تبادل أراض وسكان لن أدعم أي اتفاق سلام. هذا هو شرطي الأساسي، وقد أوضحت ذلك للأسرة الدولية). مضيفاً (عندما أتحدث عن تبادل أراض وسكان أقصد المثلث ووادي عارة... هذا ليس ترانسفير. لن يطرد أحد أو ينهب، لكن الحدود ستنتقل إلى منطقة أخرى).
تضم منطقة المثلث ووادي عارة مايقارب من 12% من المواطنين العرب، أصحاب الأرض الأصليين، في المناطق المحتلة منذ عام 1948.وتعتبر مدن «أم الفحم والطيبة وباقة الغربية والطيرة» أهم التجمعات العربية في المنطقة . أما كتل المستعمرات الكبيرة التي يتوقع الغزاة المحتلون بأن تتضم لكيانهم من أراضي الضفة المحتلة فهي «أريئيل وغوش عتصيون ومعالية أدوميم وغفعات زئيف». على الرغم من التأكيد الوطني والشعبي على رفض فكرة التبادل، وتجريم أي طرف يدعو إليها، وينفذها، فإن محاولات البعض، تقزيم قضية المواجهة والمقاومة والتحرير، بالذهاب لنقاش ينطبق عليه وصف «المضحك/المبكي» لقبول «مبدأ المساواة في القيمة والمساحة» على أنها «إنتصار وإنجاز وطني كبير»! تبدو أكثر من «تضليل وإنحراف».
قضايا خلافية
جاءت جولة كيري الأخيرة، لتدفع القضايا الخلافية حول«القدس، اللاجئين، المستعمرات، الأمن، الممر الآمن للتواصل مع غزة...» نحو إيجاد مساحة من المقاربات .ولهذا كانت «صعبة» كما وصفها زعيم الديبلوماسية الأمريكية، خاصة في محاولاته المتكررة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، من خلال تقديم اقتراحات تستند إلى خطة بيل كلينتون حول «القدس الكبرى»، واللاجئين. في زيارته المكوكية العاشرة، تناولت الأطراف الثلاثة قضيتين هامتين: «حدود 1967، ويهودية الدولة». في الأولى، برزت الخلافات بين المفاوض الفلسطيني، والصهيوني الذي يرفض إعتبار حدود 67 أساساً للمفاوضات. كما برز التعارض بين وجهة نظر حكومة العدو، والوفد الأمريكي، الذي يصر على إيرادها في الاتفاق. الأميركيون، يعملون على تضمين الاتفاق بنداً يتحدث عن حدود الـ 67، مع تبادل للأراضي، ويؤكدون على أن «هذا هو الموقف الأميركي الثابت»، وخاصة أنه قد ظهر في كل الوثائق السابقة خلال المفاوضات بين الطرفين خلال السنوات العشرين الماضية، وتحديداً ، ماجاء في خارطة الطريق في أبريل/ نيسان 2003 . كما برز خلاف بين قوى إئتلاف حكومة العدو، من تلك القضية، وبالتحديد نواب ووزراء «البيت اليهودي».
في مسألة يهودية الدولة، يتطابق موقف كيري ونتنياهو، وهو ما زاد من ضغوط الإدارة الأمريكية على الوفد الفلسطيني . الرفض الشعبي الواسع للاعتراف بيهودية الدولة، ينطلق من ثوابت حركة التحرر الوطني، وهذا ماأكد عليه عضو وفد المفاوضات «المستقيل» محمد اشتيه (إن «اسرائيل» تريد من الاعتراف بيهودية الدولة، تسوية ثلاثة حسابات مع الفلسطينيين، هي: حساب المستقبل بمنع عودة اللاجئين، وحساب الحاضر بتهجير فلسطيني العام 48، وحساب التاريخ بفرض الرواية التوراتية لفلسطين وإلغاء الرواية المسيحية والإسلامية... مؤكداً، أن هذا لن يتم أبداً). أمام هذا الموقف، وصل كيري لبضع ساعات لكل من عمّان والرياض قبل أن يعود مجدداً للأراضي المحتلة، في محاولة جديدة للحصول على دعم قادة البلدين، وعلى دورهم في ممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل تمرير القضايا المستعصية، وعلى تهيئة أجواء لقائه القادم بباريس مع عدد من وزراء الخارجية العرب. رغم ضآلة مارشح عن نتائج الزيارتين، فإن ماتضمنه المقال الافتتاحي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية في الثامن من الشهر الحالي، بقلم «ايتان هابر» يضيءعلى الهدف من الزيارتين (التأييد لماذا بالضبط؟ لتربية الأسماك في البحر الميت، على حد قول أحد ما في التلفزيون؟).
المجد للمقاومة
لن تهداً طائرة كيري في الهبوط والإقلاع قبل الوصول لمحطة الوقوف «إتفاق الإطار» الذي يحمل لشعبنا وأمتنا، صفقة كارثية جديدة، ربما تحمل أسوأ مما تضمنه «إتفاق إعلان المبادئ» أو كما يقول الكاتب «نداف إيال» في «معاريف 3/1/2014» (ليس اتفاقاً وليس اطاراً بل تصريح امريكي أشبه بخريطة طريق جورج بوش الابن).
إنها ملامح مواجهة جديدة مع الغزاة وداعميهم، فهل تنهض قوى شعبنا الحية، للتصدي للمؤامرة؟.