ما أن وقعوا «الاتفاق الوطني».. أمراء المحاصصة يتدافعون على المواقع في منصة الإعلان عنه صحفياً
اتفق رؤساء الكتل السياسية والرئاسات الثلاث، على «الاتفاق الوطني» الذي ينص على رفضهم توجيه ضربة عسكرية محتملة لسورية، وتوحيد المواقف تجاه القضايا الداخلية وإيجاد معالجات سريعة لها، و نبذ الخطاب الطائفي والعنف والتحريض، والتصدي للإرهاب والمليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.
يأتي «الاتفاق الوطني» هذا تمهيداً لانعقاد المؤتمر الوطني المقرر عقده الأسبوع المقبل، بهدف توقيع «مبادرة السلم الاجتماعي ووثيقة الشرف». وقد اعترف عدد من أعضاء الكتل السياسية الثلاث المتخاصمة المتحاصصة بأن «الاتفاق الوطني» الذي جرى بحضور رؤساء الكتل السياسية والرئاسات الثلاث، صنعه الخوف من المستقبل المجهول وليس مصلحة الوطن والشعب، علماً بأن هذا الاتفاق قد تضمن خمس نقاط, أُهملت إحداها لحظة إعلانه, وهي النقطة الخاصة بالتظاهرات والاعتصامات, مما حدا بالنجيفي إلى سؤال المالكي عنها وعلى الهواء مباشرة، ليجيبه المالكي وعلى الهواء أيضاً «خليها بيناتنا». ومثل مشهد تدافع رؤوس الرئاسات الثلاث والكتل الثلاث على منصة المؤتمر الصحفي, وحشر المالكي نفسه بينهم صورة كاريكاتورية ساخرة تعبر عن مدى مصداقية هذه القوى إزاء «اتفاقها الوطني» الموقع للتو, وعلى طبيعتها الطبقية الاستغلالية وسلوكها الفاسد, الذي يعتمد سياسية تنفيس الأزمات وتقديم التنازلات فيما بينها على حساب الشعب العراقي.
تعلن هذه الكتل, و بلا أدنى حياء أو وجل استهتارها بالدماء الزكية المسفوكة في المدن العراقية, فصورة المؤتمر الصحفي تعكس فجاجة الطبقة السياسية التابعة, حتى لحظة محاولاتها لعب دور المصالحة الوطنية, حيث جاء تصريح لأحد قادة هذه الكتل, ليعبر خير تعبير عن ديماغوجيتها السياسية في التعاطي مع الأزمات الحادة التي يعاني منها العراق, فهو يطالب (بضرورة بناء «المصدات الوطنية» للوقوف بوجه «العاصفة» والتقليل من شرورها وتداعياتها على الوضع العراقي، مبيناً أن المرحلة تقتضي «مصارحة الشعب» بالخطر المقبل، مؤكداً أن الدعوة إلى «التجميد» تأتي من القناعة التامة أن الوقت لا يكفي لاعتماد سياسة «تصفي» الأزمات. وعندما يعلن عضو برلماني في أكثر التصريحات دلالة على احتقار الشعب والاستخفاف بمطالبه العادلة, رداً على مطلب تظاهرة 31/8/2013 القاضي بإلغاء تقاعد البرلمان, بأن مصيره وعائلته في حالة إلغاء تقاعده البرلماني، هو «الديحان في الشوارع حاله حال الشعب العراقي – الدايح».
لكنه, أي الشعب, يطالب بدولة وطنية ديمقراطية قادرة على تصفية الفساد والمفسدين، تنشئ الصناعة الوطنية وتنقذ الزراعة من الخراب والإهمال والتصحر وتسمم المياه ونقصها, تتحرر من الاقتصاد الليبرالي الريعي الفرهودي, دولة تنتج نظاماً اقتصادياً- اجتماعياً- سياسياً, يضمن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
لعل الهدف الوحيد من المحاولة الراهنة للكتل الطائفية الاثنية الحاكمة للظهور موحدة أمام الشعب العراقي, بعد سنوات من الخصام والصراع, هو توجيه رسالتين, الأولى داخلية للشعب وطليعته الاحتجاجية المقدامة, مفادها أن الصراع الداخلي بينها أمر خاص بها, غير أنها ستقف موحدة في مواجهة الحركة الشعبية الاحتجاجية, أما الرسالة الثانية فهي خارجية موجهة إلى الدول الإقليمية, تعلن فيها وصولها إلى الاتفاق على احتواء تداعيات الأزمة السورية على العراق, ودلالة الرسالة الثانية, تكمن في كونها تعبر عن اعتراف الكتل الثلاث, بأن توازن القوى في سورية يميل نحو ترجيح الحل السياسي, وبالتالي فإن معركة تقسيم العراق قد أرجئت إلى حين, و لم تحن بعد, وعليه جاء القرار بإرسال وفد برلماني برئاسة النجيفي إلى تركيا وإيران لإيصال هذه الرسالة.
منسق التيار اليساري الوطني العراقي وعضو لجنة العمل اليساري العراقي المشترك