أوباما بين هزيمة مذلة.. وحرب لم تنته
تشير كل دلالات المشهد العام على فشل الرئيس المندفع والمتهور لحرب غير مبررة على سورية، بعد مبالغته واستعجاله من خلال شاشات التلفزة.. حيث بدا موقفه السياسي ضعيفاً، ولا يمكن الدفاع عنه في الوقت الراهن، مشيراً إلى أنه سيعود مسدداً خطاه على طريق حرب لا تبقي ولا تذر...
خطاب أوباما: لن تتوقف الحرب على سورية
في خطاب متلفز له قام الرئيس أوباما بتراجع تكتيكي ومحرج بشأن خططه حول تنفيذ ضربات عسكرية ضد سورية، عارضاً عدم توقفه عن مشروع الحرب، ويفهم من ذلك التحول الجذري في السياسة الأميركية القاضية بتأجيل الحرب دون إقصائها كمشروع قائم، بل بشكل أكثر شراسة وخطورة. وطلب من الكونجرس تأجيل أي تصويت يجيز استخدام القوة العسكرية، آمراً القوات العسكرية بالحفاظ على الوضع الحالي للضغط على النظام السوري، للقيام بدورها فيما لو فشلت الدبلوماسية، مبدياً عدم الاهتمام بموقف الكونجرس.
الذريعة المعتادة.. والتدخل العسكري
ماذا حدث، وقد كانت خطط الولايات المتحدة متقدمة وطبول الحرب تقرع، وظل متمسكاً بالذريعة ذاتها في العراق؟؟
في 21 آب الفائت بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية على ضواحي دمشق والتي كانت، في جميع الاحتمالات تشير لقيام «أطراف مجهولة» بذلك متواطئة مع المخابرات الأمريكية، والسعودية لتزويد واشنطن بحجة قوية، صار التدخل العسكري يسعي لتحقيق تغيير النظام في سورية، وأصبحت هذه المحاولة أكثر إلحاحا بسبب سلسلة من الهزائم التي ألحقها الجيش السوري بالمتمردين الذين بدأوا يعانون من التفكك.. غير أن هذه الحرب قوبلت برفض غير متوقع من الجماهير العريضة من الشعب الأمريكي والشعوب في جميع أنحاء العالم، والتي ضربت الأكاذيب الإعلامية الأمريكية بعرض الحائط، معلنة وقوفها ضد هذه الحرب المدمرة. وما كان تصويت مجلس العموم البريطاني ضد قرار دعم العمل العسكري، إلا أحد الوجوه لتلك المعارضة الشعبية مؤدياً لاستبعاد الحليف الرئيسي للإمبريالية الأمريكية عن المشاركة في الهجوم المخطط له. وبسبب عزلتها الدولية، ارتأت إدارة أوباما الحاجة إلى التصويت في الكونغرس.
وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن الكونجرس لن يصوت لمصلحة القرار في ظل هذه الظروف والمواقف المتخبطة، حيث كان يواجه أوباما احتمال هزيمته ليس في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون فحسب، ولكن في مجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون.
الموقف الروسي - السوري.. وإعادة الفرز
جاء الإعلان غير المسبوق من جانب روسيا عن موافقة سورية على وضع أسلحتها الكيماوية تحت الرقابة الدولية قبيل انعقاد جلسة الكونجرس لتردي موقف أوباما أرضاً، باحثاً عن إعادة تموضع خطوطه الحمراء في حربه المفترضة، مما جعل إدارته تمر بأزمة عميقة ومرتبكة لجمت الهجوم الأمريكي..
وفي حقيقة الأمر لم تكن الأسلحة الكيميائية أكثر من ذريعة للتدخل العسكري محققة أهداف واشنطن في سورية، كما هي الحال في أفغانستان والعراق قبل ذلك. وتسعى الإمبريالية الأمريكية لإسقاط الدولة وفرض نظام أكثر مرونة من أجل تأكيد هيمنتها على المنطقة الغنية بالنفط والعمل على إلحاق هزيمة إستراتيجية بإيران وروسيا كمنافسين لها في المنطقة.
الحرب لم تنته
على الرغم من التخبط في السياسة الأمريكية الراهنة والتناقضات العميقة للرأسمالية الأمريكية، لا بد أن لا ننسى النزعة العسكرية والعدوان كصفة ملازمة لتجاوز أزماتها، فيبقى خيار الحرب قائماً، مع المحاولات المستمرة لمضاعفة جهود الإعداد لهجوم عسكري.
وعلاوة على ذلك، فإنه من الممكن إقرار شن حرب غير شرعية خلافاً لإرادة الأغلبية الساحقة من الشعب الأمريكي وذلك بالتماشي فقط مع القمع السياسي المكثف.
عن «غلوبال ريسريش»