مجلس الاتحاد العام.. للحكومة أم للعمال؟
الدستور السوري الذي لم يمض بضع سنوات على اعتماده دستوراً جديداً يرسم ويحدد، وينظم آليات العمل في كل ما له علاقة بحياة الشعب السوري سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحقوقياً،
ومن ضمن ذلك استقلالية المنظمات الشعبية ومنها النقابات عن أي شكل من أشكال الهيمنة السياسية والإجرائية على قراراتها وأشكال عملها، وطرق الدفاع عن مصالح من تمثلهم، وحق التعبير لأعضائها في هيئاتهم التنظيمية خاصةً وأن الحركة النقابية هي حركة جامعة للطبقة العاملة بغض النظر عن الانتماء السياسي للأعضاء المنتسبين أو غير المنتسبين سياسياً لأي حزب من الأحزاب فهي طبقياً تعبر عن مصالح أعضائها الاقتصادية والسياسية وفق خط يرسمه أعضائها في مؤتمراتهم، ولكن ما يجري فعلياً هو خلاف هذا الدستور ونصوصه، فالوصاية والتدخل في شؤون الحركة النقابية هي الناظم لآليات عملها وهذا بدا واضحاً في محطات مفصلية عديدة لم تتمكن الحركة النقابية من أن يكون لها خط مستقل في المواجهة واتخاذ الموقف الضروري في حماية مصلحة وحقوق الطبقة العاملة ومنها الدفاع عن الاقتصاد الوطني المنتج وهنا لانفصل بين عمال القطاع العام والخاص، مع العلم أن الكثير من الكوادر النقابية كان لها موقف واضح مما يجري على صعيد التسويق للسياسات الليبرالية، ومخاطر السير بها التي كانت تقوم به الحكومات السابقة والحالية باعتباره من وجهة نظر الحكومات، المخرج الإجباري للاقتصاد السوري من أزمته، وضرورة مكافحة الفساد الكبير الذي نهب الشعب والدولة معاً، ويمكن أن ندلل على استمرارية نهج الحكومة الحالية وتوجهاتها القادمة من خلال ما قاله رئيس الوزراء حول ضرورة التشاركية «التشاركية ثمرة عمل جاد عمره سنوات واليوم نحن أحوج له بسبب الضرورة ونقص الموارد للإقلاع بالقطاعات الصناعية والإنشائية والزراعية والخدمية والحد من المديونية».
ما طرح من مداخلات على أهمية بعضها في اجتماع المجلس لم يكن على مستوى عمق الأزمة التي تعصف بالبشر والحجر وخاصةً التحديات التي تواجه الحركة النقابية في المرحلة القادمة التي ترتسم معالمها من خلال جملة التوجهات الاقتصادية، والاجتماعية للحكومة القادمة ومشاريع القرارات التي ستصدر، والتي تحمل في طياتها مجدداً إعادة إنتاج الأزمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
لقد هيمنت الحكومة من خلال خطابها التبريري على كل ما طرحه النقابيون من قضايا تتطلب حلولاً حقيقية لها، وهي الطريقة التي اتبعتها كل الحكومات سابقاً، ويبدو ستستمر لاحقاً إذا ما بقيت الحكومة والنقابات فريق عمل واحد.