مرةً أخرى.. تغيير وليس تعديل؟
مرةً أخرى تطلعنا الصحف المحلية على بعض التعديلات التي أقرتها اللجنة المشكلة لتعديل بعض مواد قانون العمل رقم 17 والتي رأت فيها تغييراً ينصف العامل ويضمن حقوقه حيث كانت المواد السابقة لا تضمنها.
واضح من شكل التعديل الجاري، ومضمونه قوة وتأثير أرباب العمل وتوافق الحكومة مع هذا التأثير بدا في دفاع الحكومة عما تنجزه تحقيقاً للانسجام المطلوب في السياسات الليبرالية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي مع حرية نشاط رأس المال الذي يتطلب في جزء منه وجود قوانين عمل لاتحد من حريته ولا تؤثر على تطور نشاطه في تعزيز أرباحه حتى لو كانت على حساب ملايين من العمال المالكين فقط لقوة عملهم، وحتى هذه يتحكم بها اقتصاد السوق عبر قانونه الأساسي العرض والطلب الذي يحدد في النهاية أجرة العامل، والمفترض أن يكون لدى الدولة والنقابات ما يكفي من الأدوات القياسية التي من خلالها يتم تحديد الحد الأدنى للأجر المتطابق مع تكاليف المعيشة.
إذاً التعديلات على قانون العمل جارية ولكن السؤل ومن التجربة التي عاشها العمال مع هذا القانون هو: من يضمن تطبيق نص القانون وبالتالي إيصال العمال إلى حقوقهم؟
هناك ألاف القضايا في المحاكم العمالية لم يبت بها بعد، وأخرى جرى البت بها من خلال التوافق بين رب العمل والعمال، وأخرى لم يجر التوافق عليها، وبقيت معلقة إلى ما يشاء الله وذلك لعدم وجود ضامن حقيقي يكون نداً لأرباب العمل، ويكون شريكاً فعلياً في إبرام عقود العمل المفترض بالنقابات أن تكون طرفاً قوياً بها خلافاً لما هو سائد من أن العقد هو شريعة المتعاقدين يكون العامل الطرف الأضعف الذي تملى عليه الشروط كما يراها رب العمل.
الدستور السوري حوى في مواده ما يجيز للعمال الدفاع عن حقوقهم، ولكن جاء من يحرمهم هذا الحق وبالتالي جرد العمال وممثليهم مما هو مشروع لهم استخدامه من أجل تحصيل الحقوق وهذا الحق الشرعي جرى تخطيه بالتعديلات الأخيرة بسبب إفتاء أهل «الخبرة والقانون» بعدم جواز إدخال حق الإضراب في مواد قانون العمل، والتجاوز طال أيضاً المادتين الأساسيتين في تسريح العمال«المادة 65،64 » اللتين كان لهما مفعول كبير في تشريد العمال بسبب هروب الكثير من أرباب العمل ونقل منشأتهم إلى الخارج تاركين الشقى على من بقى.