يحدث في مشفى المجتهد بدمشق.. إجراء عمليات زرع الكلية بتجهيزات بدائية
غ.ق غ.ق

يحدث في مشفى المجتهد بدمشق.. إجراء عمليات زرع الكلية بتجهيزات بدائية

تعد المشافي العامة المنفذ والمنقذ للأكثرية الساحقة من المواطنين المرضى الذين قد يحتاجون لمختلف العمليات الجراحية في أية لحظة، فهذه المشافي هي الملجأ الدائم لمن ليس لديه المقدرة على العلاج والتداوي في المشافي الخاصة التي ارتفعت أسعارها لتصل إلى فئة الخمس نجوم، محلقة عالياً بعيداً عن استطاعة أصحاب الدخل المحدود والمهدور في آن معاً، لكن في كثير من الأحيان يقع المرضى ضحية ابتزاز واستعلاء بعض الأطباء الذين يستغلون فقر الناس وعوزهم، ولعل ما يجري في مشفى المجتهد من عمليات لزرع الكلية يؤكد ما نذهب إليه، فمن المعروف أن عمليات الزرع في أي مشفى يحتاج إلى وضع ونوعية خاصة من الاستعداد والتجهيزات بسبب أهمية وخطورة العملية في الوقت ذاته، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعقيم والمتابعة الخاصة من الكادر الطبي.

 في مشفى المجتهد بدمشق، بدأت عمليات زرع الكلية منذ بداية العام الحالي، لكن دون أي تحضير مسبق لهذا الموضوع، ولهذا النوع من العمليات الدقيقة، الذي يحتاج إلى بناء معزول كلياً عن المشفى، وغرف عمليات خاصة لا تجري فيها سوى عمليات زرع الكلية تحديداً، بالإضافة إلى تأمين كادر تمريضي وطبي خاص متخصص ومتدرب في الوقت نفسه، بشكل جيد لمتابعة المرضى بعد إجراء العمليات، كما تحتاج هذه العمليات إلى غرف إقامة بعيدة كلياً عن غرف المرضى الآخرين الذين خضعوا بدورهم لعمليات أخرى مختلفة عن زرع الكلية.

إن الذي يجري في مشفى المجتهد هو العكس تماماً، إذ لا تتوفر أي من الشروط الآنفة ذكرها، حيث لا يوجد كادر تمريض لمتابعة المرضى، بل يتم متابعتهم من جانب المشرفين على تمريض الأجنحة المختلفة، ولا يوجد بناء مستقل بالعمليات، أو غرف عمليات خاصة بها، حتى أن أجنحة مرضى زرع الكلية مختلطة مع أجنحة المرضى الآخرين المصابين بمختلف الأمراض مثل (التهاب كلية وحويضة، مرضى غسيل الكلية)، وقد يكون بعضهم مصاباً بإنتانات متنوعة مثل التهاب الكبد B &C. فإذا كانت الحجة أن هناك بناءً قيد التنفيذ في قسم زرع الكلية، فلماذا لا يتم الانتظار حتى يجهز البناء، مع العمل على تأهيل الكادر الطبي والتمريضي الأساسي؟

إن جميع المهتمين يؤكدون أن المسألة برمتها مجرد عرض عضلات، وللتعويض للبعض منهم، بعد خسارتهم بسبب وقف عمليات الزرع في المشافي الخاصة، لكن الأمر المهم هو: لماذا كل هذه المصاريف مع أن هناك قسماً لزرع الكلية في مشفى الكلية لا يحتاج إلا لبعض التطويرات؟ أي زيادة عدد العمليات من عمليتين في الأسبوع إلى خمس أو أكثر، علماً أن بناء قسم في مشفى دمشق يتطلب التأني، ومن الواجب مراعاة موقع المشفى في وسط العاصمة وبمنطقة مزدحمة، فالمشفى بحد ذاته كان بالأصل مخصصاً للإسعافات والحوادث المستعجلة، لذلك فإن فكرة بنائه يحمل في طياته الكثير، لكن اللافت للنظر أن الذي بدأ بفكرة إجراء هذه العمليات هو أحد كبار المسؤولين والمشرفين على المشفى، والذي عين في هذا المنصب في نهاية عام 2009، وهذا بحد ذاته يحمل في طياته العديد من الأسئلة، وهو نفسه الذي كان حتى عام 2004 مديراً لمشفى الكلية، إلى أن تم إعفاؤه من منصبه كمدير للمشفى بسبب الكثير من القضايا والأخطاء التي ارتبطت باسمه وإدارته، ومن تلك القضايا الساخنة قصة أدوية زرع الكلية التي تم استيرادها، والتي كانت تحوم حولها الكثير من إشارات الاستفهام، فالدواء تم استيراده في العام 2002 دون حصوله على موافقةFDA) ) (هيئة الغذاء الأمريكية).

والسؤال لماذا تتم المغامرة باستيراد هذا الدواء بوجود البديل؟ علماً أنه وفيما بعد تمت الموافقة عليه من الهيئة نفسها، لكن تمَّ سحبُها لاحقاً، وتم سحب الدواء من الأسواق العالمية بما فيها الأمريكية، لكن المفاجئ أنه ظل يستخدم في سورية ، وبمشفى الكلية بالذات. وكذلك موضوع تجارة وقرصنة الأعضاء في سورية الذي افتضح أمره في مؤتمر الشرق الأوسط لنقل وزراعة الأعضاء الذي أقيم في مصر عام 2003، كذلك بعض القضايا الأخرى الهامة التي لا مجال لذكرها في هذه العجالة.

كل هذه القضايا دفعت بعض الشرفاء في مشفى الكلية لفضحها، حتى جاء قرار رئاسة مجلس الوزراء بإعفاء ذلك المدير من منصبه، ونقله إلى مشفى الهلال الأحمر، والغريب الذي عُرٍف عنه لاحقاً هو عدم قيامه بالدوام في المشفى، ومع ذلك بقي محسوباً على قوام المشفى، لكنه في تلك الفترة وحتى عام 2008 استمر بزراعة ومتابعة المرضى في المشافي الخاصة، إلى أن أصدر رئيس مجلس الوزراء قراراً بحصر هذه العمليات في المشافي الحكومية (حصراً)، ومنعها في المشافي الخاصة وذلك منذ بداية عام 2008.

إن هذه المغالطات تجعلنا نطرح العديد من الأسئلة التي لا بد من الإجابة عليها منها: لماذا هذا التساهل بأرواح الناس الدراويش الذين يخضعون لمثل هذه العمليات؟ وكيف لهذا الطبيب الرجوع إلى هذا المنصب بالرغم من الإعفاءات التي صدرت بحقه؟ ولماذا لا يحول المصابون بهذا المرض إلى مشفى الكلية المختص بهذه العمليات؟ وهل من أمل في إعادة ومحاسبة ما تم ارتكابه من أخطاء وتجاوزات؟

لعل للحديث بقية..