ملف النفايات في حيّ المزة 86 إلى متى؟!
مشهد بات ثابتاً ومألوفاً للعين منذ أشهرٍ في حيّ المزة 86 في دمشق، وتحول إلى كابوسٍ يومي يطارد السكان ويهدد صحتهم أمام القمامة المتراكمة دون توقف، فهذا المشهد لم يعد مجرد ظاهرة أو تفاصيل عابرة وتقصيراً مؤقتاً بل أزمة حقيقية، لا تُخمد نارها بالوعود الرسمية ولا تطمئن قلوب ساكنيها بالتصريحات الإعلامية المسوّفة أمام واقع يراوح مكانه ليتجاوز الحل مديرية النظافة والبلدية والمحافظة وخططها غير المجدية إلى المطالبة بتوجهٍ حكومي عاجل وقراراتٍ حاسمة وسريعة لا تحتمل التأجيل!
جذور المشكلة واضحة!
حاوياتٌ ممتلئة، وأكياسُ القمامة متكدسة على جانبيها، وبدأت تمتد إلى الشوارع وتتراكم أمام المحال التجارية فتغلق المداخل والأزقة الضيقة، علماً أن الأسباب متعددة وواضحة لكن النتيجة: لا تحسن بل تراجع ومضاعفة المعاناة اليومية للمواطن.
الحيّ من الأحياء المفقرة المكتظة سكانياً، مما يشكل ضغطاً على القدرة الاستيعابية للحاويات مع قلة عددها، كذلك ضعف الإمكانيات والمعدات ونقص الآليات وتهالكها بالتوازي مع نقص العمال، وغياب خطة منتظمة لتوزيعهم وعدد جولات السيارات المحدود لترحيل القمامة، وما زاد الطين بِلّة، نقل مكب النفايات من منطقة باب شرقي إلى منطقة الكسوة، أي طول الزمن بين عمليات الترحيل مع بعد المسافة والازدحام المروري.
فالشكاوى المتكررة أمام هذا الواقع المأساوي لم تحرك ساكناً لدى مديرية النظافة وبلدية المزة، وعلوّ الصوت المطالب بالحلول الجذرية لم يشغل المحافظة عن الاستمرار بالتبرير وإطلاق الوعود التي لا تغني ولا تسمّن أمام ضمير غائب يتبع خطا السابقين!
حبر على ورق
في تصريحٍ رسميّ لمحافظ دمشق السيد «ماهر مروان إدلبي» بتاريخ 4/11/2025 عبر لقاء خاص مع (سوريا الآن) قال «موضوع النظافة كان ولا يزال من أولويات المحافظة».
ربما لا يكفي الحديث الرسمي عن درجة أهمية ملف النظافة بالنسبة للمحافظة بينما الواقع يصدح بعكس ذلك، فوصف قرار نقل مكب النفايات إلى منطقة الكسوة بالجريء والإيجابي (وإن كان كذلك) أمام عجز الحكومات السابقة عن اتخاذه لا يحُلّ الأزمة ولا يخفف معاناة المواطنين أمام أكوام القمامة التي تهدد حياتهم، ألم يكن الأجدى إيجاد البديل وبالسرعة القصوى مع تذليل العقبات القانونية التي تحدث عنها السيد المحافظ أمام إجراءات روتينية مقيتة والبدء بالتنفيذ إلى حين استكمالها؟!
المشكلة تحتاج حلولاً جذرية ولم تعد تحتمل، الحلول الترقيعية والاجتماعات غير المثمرة والوعود الخلبية التي جرى الحديث عنها في الآونة الأخيرة من قِبل أحد أعضاء لجنة الحي، عن مساعٍ رسمية لإبرام عقد مع شركة متخصصة تتعهد التعامل مع تراكم النفايات وجمعها بشكل دوري مع كوادر جديدة والعمل جارٍ لتفعيل الاتفاقية التي لم تتجاوز إطار النوايا والتصريحات دون أي خطوات فعلية على الأرض!
آثار خطيرة
ينطوي تراكم القمامة على مخاطرٍ صحية وبيئية، من انتشار الحشرات التي تؤدي لتفشي الأمراض المعدية إلى تلوث الهواء والتربة، كذلك الروائح الكريهة التي تضر بالصحة العامة والتي زادت مؤخراً مع ممارسات لبعض العمال ولجوئهم لحرق بقايا القمامة للتخلص منها وسط تجمع الأبنية السكنية بدلاً من إزالتها بطرق صحية ورشها بالمبيدات لضمان السلامة العامة.
ويزداد الوضع سوءاً مع قدوم فصل الشتاء واحتمالية هطول الأمطار لتختلط المياه مع بقايا القمامة التي تتحول إلى أرضية انزلاقية تتسبب بحوادثٍ خطِرة.
ناهيك عن أن تراكمها يعيق حركة المرور نتيجة إغلاق بعض الممرات والشوارع الفرعية الحيوية، أي عرقلة حركة مرور السيارات وخاصة في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى تشويه المنظر الحضاري للمدينة، ونقل صورة سلبية عن تردي الخدمات العامة.
المطلوب؟!
القضية ملّحة وأصبحت بحالة مزمنة وتتطلب تحركاً سريعاً وتدخلاً حكومياً عاجلاً وقرارات فعالة، فالمطلوب حلولاً مستدامة وتخصيص ميزانية لتنفيذ خطوات فورية على أرض الواقع وإلا ستكون الخسارة والأثمان باهظة، وكالمعتاد يدفعها المقفرون وحدهم!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1253
رشا عيد