الغرامة تمنع التسرب... أم تمنع الأطفال من الأكل؟!
بتاريخ 30 تشرين الأول 2025، أصدرت وزارة العدل السورية تعميماً، استناداً إلى كتاب وزارة التربية بخصوص التسرب المدرسي، وضرورة تطبيق الإجراءات القانونية بسرعة وفعالية في الدعاوى المقامة بحق أولياء الأمور أو المسؤولين الذين يمتنعون عن إرسال الأطفال إلى المدارس، وذلك التزاماً بخطة عمل الوزارة ووزارة التربية في مكافحة تسرب الأطفال من التعليم.
وأكد التعميم على وجوب تحريك الدعاوى المتعلقة بحقوق الأطفال التعليمية وفق الأصول القانونية، داعياً القضاة والمحامين العامّين إلى مراعاة حسن التنفيذ وسرعة البت في مثل هذه القضايا.
ومن طرف آخر ربما كان التعميم لتذكير أولياء الأمور بواجبهم بإرسال أطفالهم من الصف الأول وحتى الصف التاسع إلى المدارس. فالتعميم ركّز على العقوبات والغرامات المنصوص عليها بموجب القانون رقم 7 لعام 2012، وكأنه يقول: «إذا لم ترسل طفلك للمدرسة، سنغرمك قليلاً من المال»!
لكن الحقيقة المُرّة أن الغرامة لا تطعم الأطفال، ولا تمنعهم من العمل لمساعدة أسرهم على الصمود أمام الحياة البائسة.
الغرامة... خطوة قانونية أم مسكن مؤقت؟
الغرامة بحسب النص القانوني تتراوح بين 10,000 و15,000 ليرة سورية. رقم كبير على الورق، صغير في الواقع.
فالأسر تعيش في فقر مدقع، والأطفال يُجبرون على العمل لتغطية جزء من تكاليف المعيشة.
وإصدار التعميم دون معالجة أسباب التسرب يشبه محاولة سد ثقب سفينة بالمنديل.
التعليم حق أم شعار على الورق؟
التعليم هو الركيزة الأساسية لمستقبل أي مجتمع.
لكن يبدو أن السلطات الرسمية تركز على المظهر القانوني؛ التعميم، الدعاوى، الغرامة.
بينما الواقع يقول غير ذلك، فالأطفال خارج المدارس، والأسر تحت الضغط، والقوانين مجرد أسطر على الورق.
القانون يحل كل شيء!
يبدو أن بعض المسؤولين يعتقدون أن إصدار التعميم والغرامة يكفي لحل المشكلة.
الغرامة تمنع التسرب؟ لا.
الغرامة تطعم الأطفال؟ لا.
الغرامة تمنحهم مستقبلاً؟ ربما في أحلام المسؤولين.
فالتعليم الإلزامي يبدو أنه تحول إلى مسلسل شكلي؛ غرامة هنا، إنذار هناك، دون أي معالجة حقيقية لجذور المشكلة الاقتصادية والاجتماعية.
الحل الحقيقي... مواجهة الواقع، لا التظاهر بالقانون
الحد من التسرب المدرسي يحتاج إلى:
الدعم المعيشي للأسر الفقيرة، ومساعدات مستهدفة لضمان قدرة الأطفال على الدراسة.
تحسين جودة التعليم، وخاصة البيئة المدرسية المحفزة والآمنة لتشجع الأطفال على التعلم.
التوعية المجتمعية، وإشراك الأهالي والمجتمع المدني في حماية حق الطفل في التعليم.
ربط العقوبات بالحلول العملية، وأن تكون الغرامة جزءاً من منظومة دعم شاملة، لا مجرد شكل رمزي.
الغرامة ليست الحل
تعميم وزارة العدل يذكّر الجميع بالتعليم الإلزامي، لكنه يُظهر السطحية الرسمية في التعامل مع التسرب المدرسي.
فالغرامة وحدها لن توقف الأطفال عن التسرب، بل معالجة الفقر وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية هي الطريق الحقيقي لإنقاذهم من خارج المدرسة، وحماية المجتمع من آثار التسرب المبكرة الكثيرة، مثل: الجريمة، استغلال الأطفال، والبطالة التعليمية.
الحقيقة تقول إن القانون وحده لا يكفي، فالواقع الصعب والقاسي يحتاج أكثر من مجرد إشعار رسمي وغرامة رمزية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1250