المرونة غائبة عن قرارات وزارة التعليم العالي... فماذا عن مصلحة الطالب ومستقبله؟!
رشا عيد رشا عيد

المرونة غائبة عن قرارات وزارة التعليم العالي... فماذا عن مصلحة الطالب ومستقبله؟!

فرضت الأزمات المتلاحقة التي تعيشها البلاد، حالات استثنائية قلبت موازين الحياة لغالبية السوريين، والطالب الجامعي ليس بمنأى عن هذه المعادلة بل الحلقة الأضعف فيها، أمام مستقبل ضبابي يضيع فيه حقه بالاستقرار والاستمرار التعليمي بين إجحاف القرارات وجمودها أمام متطلبات الانسجام مع الواقع الراهن، وبما يخدم مصلحة الطالب الذي يُفترض أنه البوصلة الأولى لأي سياسة تعليمية.

توطين وليس إلغاء!


أصدرت وزارة التعليم العالي بتاريخ 27 تشرين الأول، قراراً بإنهاء الاستضافة لطلاب الكليات الطبية في عدد من الجامعات المُضيفة والعودة إلى جامعاتهم الأصلية.
قرار الاستضافة جاء بحسب المتغيرات الراهنة، سواء أمنياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً وأي قرار جديد بالإلغاء يتطلب زوال الأسباب والمسببات والتي تفاقمت مؤخراً ليزداد الوضع سوءاً، مما يجعل العودة أمراً صعباً مع ثقل الأعباء والنفقات المتزايدة (السكن، السفر والاحتياجات الأساسية)، إلى انعدام الاستقرار الأمني وحتى على مستوى التأقلم وتفاوت الأسس التعليمية للكليات.
فالإجراء المؤقت يجب أن يتحول إلى حل مستدام، وتوطين هؤلاء لتخفيف معاناتهم بدلاً من الحرمان من حقهم في إكمال دراستهم في بيئة مستقرة.


شروط مجحفة ومرونة غائبة


يُفترض أن يكون النقل أو التحويل المماثل وشروطه أداة لتسهيل حياة الطالب الجامعية لكنه تحول إلى عبء، فمثلاً طلاب الطب البشري وطب الأسنان يشترط الأخذ بمعدل فرز السنة التحضيرية في سنة القبول أو درجات الشهادة الثانوية المطلوبة التي تسمح لهم بالانتقال إلى الجامعة المستهدفة، علماً أنه لو تحقق هذا الشرط في سنة القبول الأولى لما اضطر أحدهم لاختيار جامعة أخرى بعيداً عن مدنهم وأهلهم!
أي إن تحقيقه بمثابة معجزة وسط ظلم السياسات وعجزها، فالعدالة الأكاديمية وتكافؤ الفرص الذي تسعى الوزارة إلى تحقيقهما لا ينفي إعادة النظر بآليات التحويل المماثل للكليات الطبية أسوةً بباقي الكليات، ولا يعنى فتح باب النقل أمام كل طالب دون ضوابط واعتبارات، إنما مرونة أكثر لنظام التعليم العالي بقوانينه وقراراته، واعتماد رؤية واضحة وثابتة لآلية التحويل المماثل بدراسة القدرة الاستيعابية للجامعات والكليات وبنسب تقديرية شهرية أو سنوية، بالإضافة إلى آلية الأولويات (الاستحقاق، القرب الجغرافي والحالات الطارئة) مع التفريق بينه وبين النقل إلى فروع أو كليات أخرى، بما يحقق المساواة بين الشرائح الطلابية والعدالة وضمان الاستقرار التعليمي بما يخدم مصلحة الطالب بالدرجة الأولى.
فعلى الوزارة التكيف مع الواقع المتغير، فالثبات لا يعني الجمود، فهناك حالات خاصة تتطلب استثناءات.


إعلان التقويم الجامعي، ماذا عن التأخير؟!


حددت وزارة التعليم العالي، تاريخ 5 تشرين الأول بداية العام الدراسي 2025-2026، ولكن التسجيل على المفاضلة مستمر مع التمديد وبالتالي تأخر إصدار النتائج، ناهيك عن مفاضلة فرز السنة التحضيرية التي لم تصدر بعد!
فالشهر الأول من العام الدراسي على وشك الانتهاء، فالزمن الأكاديمي لطلاب السنة الأولى يضيع وتُسرق معه متعة البداية والتجربة الأولى التي تبدو مرتبكة قبل أن تبدأ.
فهذا التأخير سينعكس سلباً على جودة العملية التعليمية بأكملها وضعف المخرجات على المدى البعيد، علماً أن تاريخ بدء امتحانات الفصل الأول حُددت أيضاً بتاريخ 25 كانون الثاني، والنتيجة ضغط مضاعف تعليمياً ودراسياً ونفسياً يدفع ثمنه الطالب.

مصلحة الطالب أولاً


أمام هذه الإشكاليات، يجب أن توضع مصلحة الطالب في صدارة الأولويات، فهو أساس العملية التعليمية وغايتها والبوصلة لجودة التعليم أو مخرجاته.
فالمطلوب من الوزارة مواجهة تحديات التعليم الجامعي مع قرارات أكثر مرونة تضمن للطالب استمرارية واستقرار تعليمه وحياته الجامعية والحفاظ على أمنه وسلامته، وهذا واجب ومسؤولية الدولة أيضاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1250