قرار إيقاف القبول في بعض الكليات.. انعكاساتٌ سلبية تطال التعليم والمجتمع
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والمجتمعية، قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سورية إيقاف القبول في كليات جامعة الفرات فرع الحسكة، وكذلك في كليات جامعة حمص بمدينة تدمر، إضافة إلى مدرسة التمريض في جامعة اللاذقية، وذلك اعتباراً من العام الدراسي 2025–2026.
ورغم أن القرار أُدرج ضمن مساعي الوزارة لـ«إعادة تنظيم التعليم العالي وتوجيه الطاقات نحو الكليات المركزية»، إلا أن تبعاته السلبية المتوقعة تثير قلقاً متزايداً على المستويين الأكاديمي والمجتمعي.
آثارٌ مباشرة على الطلاب
يشكّل القرار صدمة كبيرة لطلاب المحافظات الشرقية والوسطى، ولا سيما في الحسكة وتدمر، حيث كانت هذه الكليات تشكّل المتنفس التعليمي الوحيد لأبناء تلك المناطق.
فإغلاق أبواب القبول سيجبر الطلاب على الانتقال إلى محافظات أخرى لمتابعة دراستهم الجامعية، ما يعني زيادة في تكاليف السكن والنقل والمعيشة، وهي أعباء لا تستطيع كثير من الأسر تحمّلها في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
ويُخشى أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التسرب الجامعي، خاصة بين الطالبات، أو من ينتمون إلى الأسر محدودة الدخل، مما يُكرّس عدم المساواة في فرص التعليم بين أبناء المحافظات السورية.
تأثيرات أكاديمية وتنظيمية
من الناحية الأكاديمية، يُعد إيقاف القبول في كليات عاملة منذ سنوات تراجعاً في مسار اللامركزية التعليمية التي تم السعي لترسيخها سابقاً، عبر إنشاء فروع جامعية في المحافظات النائية.
كما أن تعطيل هذه الفروع سيؤدي إلى تجميد البحث العلمي المحلي، وتراجع النشاط الأكاديمي الذي كان يرتبط بالمجتمع والبيئة المحيطة.
أما على صعيد الكوادر التدريسية، فإن القرار يهدد بفقدان خبرات أكاديمية كانت تسهم في بناء جيل من الكفاءات ضمن بيئاتها المحلية.
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
الجامعات ليست مؤسسات تعليمية فحسب، بل هي محركات للتنمية المحلية. فوجودها في المدن والبلدات يخلق حركة اقتصادية نشطة، تشمل السكن والخدمات والمواصلات والتجارة الصغيرة.
وبالتالي، فإن إيقاف القبول في هذه الكليات سيؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي المحلي، وفقدان العديد من فرص العمل غير المباشرة المرتبطة بالحياة الجامعية.
إضافة إلى ذلك، قد يدفع القرار بعض الطلاب إلى البحث عن فرص دراسية في الجامعات الخاصة، أو خارج البلاد، ما يزيد من نزيف العقول وهجرة الشباب.
النتائج العامة على المدى البعيد
على المدى الطويل، يُخشى أن يسهم القرار في تعميق الفجوة التعليمية والتنموية بين المحافظات المركزية والطرفية، ويؤدي إلى تراجع التنمية البشرية في المناطق المتأثرة.
كما يمكن أن يُضعف ثقة المواطنين بقدرة المؤسسات العامة على تحقيق العدالة التعليمية، وتكافؤ الفرص بين جميع أبناء الوطن.
الحق في التعليم وضمان التنمية المتوازنة
يبقى التعليم العالي أحد أهم ركائز استقرار المجتمع وتقدّمه، وأي خطوة تمس بنيته تحتاج إلى دراسة دقيقة لآثارها الاجتماعية والاقتصادية قبل التنفيذ.
إن إعادة النظر في هذا القرار، أو على الأقل توفير بدائل تعليمية حقيقية للطلاب المتضررين، يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على حقّ الجميع في التعليم، وضمان التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق السورية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1248