بين ثبات السعر وتبدّل المواصفة.. هل يتحسن الخبز التمويني فعلاً؟
أعلنت المؤسسة العامة للمخابز عن تعديل مواصفة ربطة الخبز التمويني المدعوم، بحيث يبقى السعر ثابتاً عند 4000 ليرة سورية، وبنفس الوزن الإجمالي البالغ 1,2 كغ، لكن مع تخفيض عدد الأرغفة من 12 إلى 10، وتحديد قطر الرغيف بـ 33 سم.
وعلى الورق، يبدو القرار خطوة نحو تحسين نوعية الرغيف وتوحيد المواصفة، لكن الواقع الميداني يطرح تساؤلات كثيرة، حول مدى استدامة الوزن والجودة، ومدى قدرة المخابز على الالتزام بهذه المعايير في ظل الظروف التشغيلية الصعبة.
من الكم إلى النوع؟
تخفيض عدد الأرغفة مقابل الحفاظ على الوزن يعني افتراضاً أن الرغيف الواحد أصبح أكبر وأثقل (قرابة 120 غراماً بدلاً من 100 سابقاً)، أي أن القرار لا يستهدف تقليص الدعم بشكل مباشر، بل رفع جودة المنتج، وتحسين شكل الرغيف، الذي تراجع في الأشهر الماضية من حيث القطر، السماكة، والمذاق.
ففي الواقع السابق، كان كثير من المواطنين يشتكون من أن الرغيف صغر حجمه ورداءة خبزه جعلته هشّاً وسريع التفتت، رغم أن عدد الأرغفة بقي 12 في الربطة. ومع ضعف الرقابة وتفاوت الأداء بين المخابز، تحوّل «نهب الخبز» من ميدان الأسعار إلى نهب في الوزن والمواصفة.
ثبات السعر... ولكن!
الإبقاء على السعر المدعوم عند 4000 ل.س هو إشارة رسمية إلى أن الدولة لا تريد المساس بـ«رمزية» الخبز المدعوم كسلعة أساسية.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في الأرقام المعلنة، بل في ضمان استمرار الدعم فعلياً عبر الجودة والوزن. فالتاريخ القريب أظهر أن التلاعب لا يأتي فقط من التسعير، بل من حلقات الإنتاج والنقل والتوزيع والبيع، التي تفتح ثغرات لفقدان جزءٍ من الدعم دون إعلان.
هل يتحقق التحسين فعلاً؟
تحقيق الهدف المعلن- رغيف أكبر وأجود- يتطلب رقابة يومية على الالتزام بالوزن (1,2 كغ)، وعلى نوعية الطحين والتخمير والخبز.
فمن دون رقابة فعالة ومحاسبة واضحة، يخشى المواطن أن يتحول القرار إلى تخفيض غير مباشر في الكمية والوزن بمرور الوقت، خاصة مع استمرار الضغط على المخابز الحكومية، وتغول شبكات النهب والفساد.
الخبز... مؤشر للثقة
يبقى الخبز التمويني في سورية مؤشراً حساساً على علاقة المواطن بالدولة، إذ يمثل خط التماس بين الدعم الاجتماعي والواقع الاقتصادي.
فكل خلل في مواصفاته- مهما بدا بسيطاً- يُقرأ اجتماعياً على أنه تراجع في العدالة أو الكفاية المعيشية، لا مجرد تعديل فني.
الخبز مرآة للكرامة
قرار تخفيض عدد الأرغفة إلى عشرة قد يكون خطوة تنظيمية صحيحة من حيث المبدأ، لكن نجاحه يتوقف على مدى استدامة الالتزام بالمواصفة والوزن والجودة، وهي أمور لا يضمنها النص الإداري وحده، بل الرقابة والمساءلة اليومية.
فالخبز ليس مجرد سلعة.. بل مرآة لكرامة الناس وثقتهم في مؤسساتهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1248