معدلات القبول للصف العاشر... تفاوت واضح
أعلنت وزارة التربية السورية أخيراً عن معدلات القبول للصف العاشر للتعليم العام للعام الدراسي ٢٠٢٥-٢٠٢٦، لتكشف عن تفاوت واضح بين المحافظات في معدلات القبول، ما يعكس تحديات مستمرة في السياسات التعليمية ويطرح تساؤلات حول العدالة وتكافؤ الفرص.
تباين معدلات القبول بين المحافظات
تشير البيانات إلى ارتفاع معدلات القبول في أغلب المحافظات مقارنة بالعام الماضي، باستثناء محافظات اللاذقية وطرطوس ودرعا والسويداء، حيث شهدت هذه المحافظات انخفاضًا ملموساً:
اللاذقية: من ٢٠٠٦ إلى ١٩١٨ علامة
طرطوس: من ٢١٢٩ إلى ١٩١٠ علامة
درعا: من ١٨٤٣ إلى ١٧٨٥ علامة
السويداء: من ١٩١٧ إلى ١٧٨٢ علامة
في المقابل، سجلت محافظة إدلب أكبر ارتفاع في معدلات القبول من ١٤٦٠ إلى ١٨١٢ علامة، كما شهدت دمشق والريف والقنيطرة وحماة ارتفاعات كبيرة، تصل في بعض الحالات إلى أكثر من ١٥٠ علامة. محافظات الجزيرة مثل الحسكة والرقة سجلت أيضاً ارتفاعات ملحوظة.
أما في حلب، فقد كان معدل القبول الأدنى ١٦٠٠ علامة، وهو ما يعكس تدني نسبة نجاح التعليم الأساسي على الرغم من وجود عدد كبير من المدارس الثانوية والفنية، ما يثير التساؤل حول العلاقة بين التعليم الأساسي والفرص الثانوية.
العلاقة بين معدلات القبول وعدد المدارس الثانوية والفنية
يتضح من مقارنة المحافظات أن معدلات القبول ترتبط ارتباطاً مباشراً بعدد المدارس الثانوية العامة والفنية المتاحة لكل محافظة. ففي المحافظات التي تحتوي على عدد أكبر من المدارس، يمكن رفع معدلات القبول لتغطية حاجة الطلاب لمقاعد التعليم الثانوي، بينما يؤدي نقص المدارس في محافظات أخرى إلى خفض المعدلات، دون مراعاة طموحات الطلاب أو إمكاناتهم الفردية.
هذا الأمر يشير إلى أن آليات القبول الحالية لا تعتمد على العدالة التعليمية أو تكافؤ الفرص، بل تتأثر بعوامل إجرائية تتعلق بالبنية التعليمية لكل محافظة، مما يحد من حرية الطلاب في اختيار مسارهم التعليمي ويشكل ضغطاً على خياراتهم المستقبلية.
تأثير التفاوت على مستقبل الطلاب
الانتقال من مرحلة التعليم الأساسي إلى التعليم الثانوي يمثل منعطفاً حاسماً في حياة الطلاب، إذ يحدد مسارهم التعليمي والمهني لاحقاً. ومع ذلك، فإن التفاوت الكبير بين المحافظات في معدلات القبول يضع العديد من الطلاب أمام خيارات محدودة، وقد يضطر بعضهم لقبول مسارات تعليمية لا تتوافق مع طموحاتهم أو قدراتهم.
هذا الوضع يبرز الحاجة إلى سياسات تعليمية أكثر شمولية وعدالة، تضمن لكل الطلاب فرصاً متساوية للتقدم والاختيار، وتوفر دعماً متوازناً بين التعليم العام والفني، بما يساهم في تلبية احتياجات سوق العمل وتعزيز التنمية الوطنية.
السياسات التعليمية المستمرة بحاجة لمراجعة
مشكلة التفاوت في معدلات القبول ليست جديدة، بل هي جزء من تحديات أوسع تواجه السياسات التعليمية في سورية على مختلف مراحل التعليم. استمرار هذه السياسات دون مراجعة جادة يفاقم الفجوات بين المحافظات ويقلل من فرص العدالة والتكافؤ.
هناك حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة وعميقة للسياسات التعليمية، تشمل توزيع المدارس والكوادر التعليمية ونسب النجاح، وضمان آليات قبول أكثر عدالة، بحيث تكون مرتبطة بقدرات الطلاب وإمكاناتهم، وليس بالبنية المؤسسية أو أعداد المدارس فقط، في كل محافظة.
الانتقال من الأساسي للثانوي عقبة وليس فرصة
تفاوت معدلات القبول للصف العاشر بين المحافظات السورية في العام الدراسي ٢٠٢٥-٢٠٢٦ يعكس تحديات مستمرة في السياسات التعليمية، ويؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في آليات القبول لضمان عدالة الفرص لجميع الطلاب.
فالانتقال من التعليم الأساسي إلى الثانوي يجب أن يكون فرصة لتنمية القدرات الفردية وتوجيه الطلاب نحو مسارات تعليمية ومهنية تناسب إمكاناتهم، وليس عقبة تحدد مستقبلهم بشكل تعسفي بناءً على التوزيع الجغرافي للمدارس أو نسب النجاح المحلية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1243