سلاح منفلت وأمان مفقود وحياة السوريين رهينة الخوف والفوضى

سلاح منفلت وأمان مفقود وحياة السوريين رهينة الخوف والفوضى

منذ سقوط سلطة نظام الأسد في نهاية العام الماضي، دخلت سورية مرحلة مظلمة جديدة، حيث باتت الجرائم جزءاً من الحياة اليومية. القتل والخطف والسرقة والسلب والنهب والاغتصاب لم تعد أحداثاً استثنائية، بل صار لها نمط ثابت، يهدد كل بيت وكل شارع.

فالشوارع لم تعد آمنة، والأحياء السكنية لم تعد ملاذاً، والناس يعيشون في رعب دائم من عصابات مسلحة تتجول بحرية، وخاطفين يختارون ضحاياهم بلا رادع، وسلاح منتشر في كل زاوية وكأنه استحقاقٌ جديد للسوريين بعد سنوات الحرب الطويلة.

الواقع مؤلم ومخيف، رجال يُقتلون، نساء يُختطفن، وأطفال يختفون من أمام أعين أهلهم. المدن والريف باتت محميات للفوضى، كل حي يعرف اليوم أنه معرض للجريمة في أية لحظة.

ما يجري في سورية ليس مجرد غياب الأمن، بل انهياراً كاملاً لمفهوم الدولة والعدالة، وانفلاتاً لم تعرف له سابقة في التاريخ الحديث للبلاد.

بعض الأسباب واضحة، فالاقتصاد منهار، والبطالة تفاقمت، والفقر يدفع إلى الموبقات ويدفع الكثيرين إلى ارتكاب الجرائم من أجل البقاء على قيد الحياة.

لكن هذا التدهور الاقتصادي لا يبرر الجرائم اليومية، السرقة تحت التهديد بالسلاح، والخطف للحصول على فدية، والقتل لأسباب تافهة أو بدافع الانتقام. وكل ذلك يحدث وسط فراغ أمني هائل، إذ لم تعد هناك سلطة قادرة على فرض القانون أو حماية المدنيين، فيما الميليشيات والجماعات المسلحة تستغل الفوضى لتوسيع نفوذها وفرض سيطرتها بالقوة.

فتفلت السلاح هو الجريمة الأكبر، إذ انتشرت البنادق والمسدسات في الأيدي كما لو كانت هواية يومية، بينما يُقتل الناس في الشوارع دون رادع. القتل أصبح سهلاً، والسرقة عملية روتينية، والخطف أصبح تجارة مربحة، والنهب حدثاً معتاداً، والاغتصاب لا يثير إلا الصراخ واليأس.

الضحايا هم المواطنون العاديون، الذين لم يعد لديهم سوى الخوف واليأس. فلا مدارس آمنة، ولا مستشفيات محمية، ولا حراسة تحمي الحياة.

كل يوم يمر يحمل معه أخباراً جديدة عن موت أو سرقة أو اختطاف أو اغتصاب، والسلطة غير موجودة، أو عاجزة، أو متواطئة مع هذه الفوضى.

الوضع وصل إلى نقطة الانهيار الكامل، ولم يعد مقبولاً الصمت أو الانتظار. فالسوريون لم يعد لديهم ما يخسرونه سوى حياتهم، وأصبحت حياتهم الآن رهينة للخوف والفوضى.

سورية بحاجة عاجلة إلى إعادة الأمن، وضبط انتشار السلاح، ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي تخلق بيئة خصبة للجريمة. ويجب أن تتدخل كل القوى الفاعلة لإعادة الثقة في القانون وحماية المدنيين، والمدخل الرئيسي لكل ذلك هو التوافق الوطني والحل السياسي الشامل، وإلا ستستمر هذه الكارثة اليومية بلا نهاية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1243