ألواح الثلج... تجارة فاسدة يدفع ثمنها المواطن من صحته وجيبه!
لم يعد مشهد شراء ألواح الثلج في سورية مجرد صورة عابرة من فصل الصيف، بل تحول إلى طقس يومي قسري يعيشه المواطن مع كل موجة حر وانقطاع للكهرباء. صار المواطن يلهث وراء «لوح ثلج» فقط ليحصل على كأس ماء بارد أو يحفظ طعامه ودواءه، لكن ما لم يعد مقبولاً ولا مألوفاً هو أن يُستنزف جيبه الهش وأن تُهدد صحته بلا رقيب ولا حسيب!
اليوم، لم يعد شراء الثلج رفاهية على الإطلاق، بل ضرورة فرضها غياب الكهرباء والتقنين القاسي، ليتحول المواطن إلى زبون دائم عند باعة الثلج، بينما تتضاعف أرباح هؤلاء على حساب لقمة الناس وصحتهم.
تجارة موسمية تحولت إلى استغلال دائم
الظاهرة تضخمت حتى باتت «مهنة موسمية» للكثيرين، فالأرصفة امتلأت بالعربات والبسطات. والباعة الجوالون يرمون قوالب الثلج الكبيرة فوق عرباتهم بطريقة مقززة وغير صحية.
فأينما اتجهت في الأحياء الشعبية والفقيرة تجد الثلج معروضاً وكأنه سلعة محرمة لا بد أن تشتريها مهما كانت الظروف.
والسبب واضح: ارتفاع درجات الحرارة وغياب الكهرباء مع بدائل مكلفة (طاقة شمسية، أمبيرات) لا يقدر عليها الغالبية الساحقة.
هنا وجد الباعة ضالتهم: تجارة مربحة وسريعة بلا رقيب ولا ضبط، تتحكم بالأسعار كيفما يشاؤون.
أرباح فاحشة... ومواطن مسحوق الأسعار فوضى مطلقة!
الألواح المصنوعة من مياه الشرب: 5000– 7000 ل.س للوح الكبير.
المصنوعة من مياه الآبار (غير صالحة للشرب أصلاً): 4000– 6000 ل.س.
الصغيرة بـ 3000 ل.س.
كيس الثلج في المحلات: بين 5000– 10000 ل.س حسب المكان والتوقيت.
تخيلوا حجم المصاريف الإضافية التي يُجبر المواطن على دفعها من دخله المعدوم أساساً! بينما يكدس الباعة والمعامل أرباحاً مضاعفة، والجهات المسؤولة تكتفي بالصمت... بل بالصمت المتواطئ.
استهتار رسمي... وصحة المواطن آخر الهمّ!
في 17/7/2025، خرج مدير الشؤون الصحية بدمشق «رضوان السواق» بتصريح فارغ المضمون، مختصره يقول: اشتروا ألواح الثلج من منشآت مرخصة، واحذروا البسطات والباعة الجوالين، فهي ليست من مسؤوليتنا بل من مسؤولية البلدية!
بكل بساطة، الصحة تعترف بأن المياه ملوثة، وبأن الألواح المعروضة غير نظيفة، ومع ذلك تتنصل من أي إجراء أو مسؤولية! بل تتحدث وكأن حياة المواطن لعبة تنس، يرمونها بين الوزارات ليتقاذفوا المسؤوليات.
فمن المسؤول إذن عن:
أكياس الثلج التي تباع في المحلات بلا أي علامة تجارية أو تاريخ إنتاج؟
قوالب الثلج المصنوعة من مياه الآبار المجهولة؟
فوضى الأسعار المتعمدة التي تستغل حاجة المواطن؟
الجواب واضح: لا أحد!
إلى متى هذا الاستخفاف؟
ما يحدث لم يعد مجرد انتشار مهنة موسمية ولا مجرد فوضى أسعار. نحن أمام استهتار رسمي فاضح بصحة الناس وسلامتهم. مواطن مسحوق، مريض محتمل، أطفال يشربون ماءً ملوثاً محملاً بالجراثيم والفيروسات التي تدمر الجهاز الهضمي، والجهات المسؤولة غائبة... أو بالأحرى متغافلة عمداً.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يعقل أن يصبح كأس الماء البارد «رفاهية»؟
وهل يعقل أن تترك صحة المواطن رهينة بسطات جوالة ومعامل جشعة دون أي تدخل حقيقي؟
فالصمت الرسمي هنا لم يعد تقصيراً، بل شراكة كاملة في جريمة بحق المواطن!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1240