جولة في «كرنفال الطاقة السوري...» 5 مذكرات تفاهم وأكثر!
فرح شرف فرح شرف

جولة في «كرنفال الطاقة السوري...» 5 مذكرات تفاهم وأكثر!

بعد سقوط سلطة الأسد توالت الأخبار عن شراكات ومذكرات تفاهم ودعم لقطاع الطاقة والكهرباء في سورية، لا يبدو أن آخرها سيقف عند خط الغاز الأذربيجاني.

وفي ضوء الانهيار والتردي الذي وصل إليه حال الكهرباء، ومعاناة الناس والأعمال من شحّها لسنوات، شكلت هذه المذكرات بارقة أمل في تحسن الوضع وانفراج مقبل. إلا أن أيّاً مما قدم للشعب السوري على أنه حل للأزمة منذ 8 أشهر، لا يعدو كونه إلى الآن كهرباء تعمل على الطاقة «الافتراضية».

البداية... سفن كهربائية محمّلة بالطاقة!

برزت مبادرة السفينتين التركية والقطرية بقدرة إجمالية تبلغ 800 ميغاواط في 7 كانون الثاني الماضي، باعتبارها مساهمة «إسعافية» مؤقتة لتلبية الاحتياجات الملّحة للطاقة في سورية.
إلا أن مرور سبعة أشهر على هذا الإعلان قد كشف عن واقع مغاير، ويبدو أن السفن «تاهت في بحر الكرنفال الاحتفالي»، وما كان حلاً سريعاً لأزمة ضاغطة، أصبح لغزاً يثير التساؤل في ظل غياب الشفافية في توضيح الأسباب الحقيقية وراء هذا التعثر.

400 ميغاواط من الغاز «المتبخّر»

أعلنت قطر في شهر آذار المنصرم عن مبادرة لتوريد مليوني متر مكعب من الغاز يومياً بهدف زيادة ساعات الوصل بمعدل ساعتين إلى 4 ساعات إضافية. ورغم التفاؤل الذي قوبلت به هذه المبادرة، وقدرتها على تخفيف المعاناة اليومية للمواطنين وتحفيز استمرار العمل في القطاعات الحيوية، إلا أن الواقع أيضاً جاء مغايراً للتوقعات.

فرغم التصريح بأن المبادرة كانت مؤقتة، إلا أنها لم تحقق الأهداف المرجوة بعد 4 أشهر من الإعلان عنها، وهو مؤشر على وجود خلل في التخطيط والتنفيذ، أو ربما في الإفصاح عن المعلومات بشفافية تامة.

التحالف القطري- الأمريكي لدعم الطاقة

وقعت في شهر أيار الماضي كذلك مذكرة تفاهم مع تحالف دولي بقيادة شركة قطرية لتنفيذ مشروع ضخم بقيمة 7 مليارات دولار لإنتاج 5000 ميغاواط، 1000 منها عبر الطاقة الشمسية.

ورغم أن «الاستثمار» لا يزال حبراً على ورق، لكن تجاوز قيمة المشروع للتقديرات العالمية لتكلفة مشاريع من هذا الحجم يستدعي التوضيح. وقد ذكرت قاسيون في مقال سابق أن التكلفة بحدها الأقصى لمشروع مماثل تصل إلى 6 مليارات، ما يعني أن الرقم المعلن أعلى بمليار دولار فقط، ومع ذلك ما زال في إطار النوايا ولم توقع عقوده ويوضع بالتنفيذ!

مذكرة سعودية للطاقة يليها خط الغاز الأذربيجاني

في جو احتفالي في العاصمة السعودية الرياض، تم الإعلان عن اتفاقيات لدعم قطاع الطاقات البديلة في سورية خلال شهر حزيران، ومرة أخرى غاب عن الإعلان أي تفاصيل أو أرقام ملموسة. ما يفتح الباب أمام أسئلة متعددة، فهل تهدف هذه المذكرة وغيرها إلى تحقيق تقدم حقيقي على أرض الواقع، أم إنها مجرد بيانات إعلامية لن ترتقي إلى مستوى التنفيذ؟

أما مشروع خط الغاز عبر تركيا، والذي يهدف إلى توريد 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، فإن أهم ما غاب عنه هو التكاليف التي سيتحملها المواطن إن زادت ساعات الوصل إلى 10 يومياً وفق ما صرّحت به الحكومة. 

بين الحاجة الفعلية والاستثمارات الموهومة

أصبح «كرنفال الطاقة» أشبه بمزاد، تطلق فيه الوعود عبر خطابات وبيانات لا تسمن ولا تغني من جوع، مع العلم أن ما تم الإعلان عنه بمجال الطاقة منذ بداية العام وحتى تاريخه، بحال قيد له التنفيذ بمجمله، سيكون أكبر من الاحتياجات الفعلية!

وتتوالى التصريحات تباعاً عن خطط لإعادة الإعمار، وبناء أبراج ومراكز ترفيه، واتفاقيات طاقة بالمليارات، ولكن على أرض الواقع لم يلمس الشعب السوري أي نوع من الاستقرار، وما زال يعيش في العتم ينتظر «كهرباء الأوهام الإعلامية الكرنفالية».

فبينما يتفرج الشعب على «انتصارات إعلامية» لا علاقة لها بالواقع المعاش، يُظهر- التركيز على الجانب الإعلامي والبروتوكولي، وتجاهل الجوهر الفعلي للأزمة- الانفصال بين صانعي القرار والواقع المرير على الأرض.

وفي سياق أخبار الاستثمارات المتلاحقة، يحتفظ المواطن بحقه في معرفة مصير هذه المشاريع وكيف تدار، وشروطها وقيمتها الفعلية بحال وضعت بالتنفيذ، وآليات التمويل، وهل هي استثمارات «إعلامية وسياسية»، وإن لم تكن كذلك، فأين الجدية والشفافية في تتبع تنفيذها ومآلاتها؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1238