عودة اللاجئين... بين الرغبة والإمكانيات
سلمى صلاح سلمى صلاح

عودة اللاجئين... بين الرغبة والإمكانيات

مثّل سقوط سلطة النظام بصيص أمل للاجئين في دول الجوار، سواء في المخيمات أو غيرها، للعودة إلى البلاد، وقد شهدت سورية بالفعل عودة أكثر من 200 ألف لاجئ سوري حسب الأمم المتحدة منذ سقوط سلطة الأسد في 8 كانون الأول، ما يعكس رغبة لدى الكثيرين في استعادة حياتهم في سورية، على الرغم من التحديات والمخاطر المحتملة. وهو ما يعد مؤشراً إيجابياً على إمكانية تحقيق عودة طوعية وآمنة على المدى الطويل.

وقد صرح يوسف طه المتحدث باسم مفوضية اللاجئين بالأردن، مؤكداً، أن 40% من اللاجئين في الإقليم و27% في الأردن يرغبون بالعودة إلى سورية. إلا أن هذه العودة لا تزال مشروطة بعدة عوامل، أهمها غياب الأمن ودمار البنى التحتية وانعدام فرص العمل.

تحديات العودة

خلّفت سنوات الأزمة الطويلة دماراً واسعاً في البنى التحية، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات والطرق وشبكات المياه والكهرباء، ما يشكل عقبة كبرى أمام عودة اللاجئين، حيث لا تتوفر لديهم أماكن لائقة للسكن، ولا الخدمات الأساسية التي يحتاجونها للعيش الكريم.

وحتى في المناطق التي لم تتعرض لدمار كبير، ولّد الوضع الاقتصادي المتردي والصعب نقصاً حاداً في فرص العمل. ومع توقف عجلة الإنتاج وغياب الاستثمار الفعال والمنتج، لا توجد وظائف كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من اللاجئين، ما يجعلهم عرضة للبطالة والفقر.

ورغم حديث طه عن «تحسن أمني»، لا يزال العنف وعدم الاستقرار سمة لعدد كبير من المناطق، ما يجعل من هذا «التحسن» أمراً هشّاً. فمع استمرار التوترات، يشعر اللاجئون بالقلق على سلامتهم وسلامة عائلاتهم. حيث غالباً ما تكون الرغبة بالعودة مشروطة بتوفير بيئة آمنة وكريمة.

آفاق إمكانيات العودة

تشكل تحديات الدمار والاستقرار الأمني وتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي محاور مترابطة لا يمكن معالجتها بمعزل عن حل سياسي شامل للأزمة السورية، وإحداث تغييرات على المستوى الاقتصادي والخدمي، وعلى المستوى السياسي الديمقراطي.

فمسألة عودة اللاجئين ليست مجرد عملية لوجستية، واستكمالها غير ممكن من دون استكمال استعادة وحدة وسيادة سورية أرضاً وشعباً، والحفاظ على السلم الأهلي والدفع باتجاه حصر السلاح بيد جيش وطني موحد، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون مؤتمر وطني عام، يضمن تمثيلاً حقيقياً وشاملاً لمختلف المكونات السياسية والاجتماعية في البلاد، مع مخرجات توافقية ملزمة بالتنفيذ، وضمناً عوامل الاستقرار والأمان المستدامة، وضرورة إعادة إقلاع عجلة الإنتاج (الزراعي والصناعي)، والقطاعات الخدمية الأساسية من كهرباء وماء وتعليم وصحة و...

فبدون هذه المقومات الحياتية، ستظل عودة اللاجئين حلماً للكثير منهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1234