ضريبة البيوع... التقييم العادل أساس الضريبة العادلة

ضريبة البيوع... التقييم العادل أساس الضريبة العادلة

أعلنت الهيئة العامة للضرائب والرسوم في سورية أخيراً عن فتح الخرائط العقارية في جميع المحافظات، تمهيداً لإعادة تقييم القيمة الرائجة للوحدات العقارية، وذلك تطبيقاً لأحكام القانون رقم 15 لعام 2021 المتعلق بضريبة البيوع العقارية.

وقد تم توجيه مديريات المال للعمل على هذا التقييم من تاريخه، بالاعتماد على اللجان المختصة المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون.
لا شك أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي الحكومة إلى زيادة الإيرادات العامة عبر تحسين آليات التحصيل الضريبي وضبط السوق العقارية، وهو هدف اقتصادي منطقي في ظل التحديات المالية التي تواجه البلاد.
لكن في المقابل، تُثار تساؤلات حقيقية حول مدى عدالة هذه التقييمات، خاصة إذا كانت تركز على جانب الجباية فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار المعايير الفنية والاجتماعية التي تؤثر على القيمة الحقيقية للعقار.

المكان والمساحة... ليسا كافيين

حتى الآن، تستند معظم عمليات التقييم إلى عناصر أساسية مثل موقع العقار ومساحته، وهي معايير تقليدية قد تعطي مؤشراً عاماً على القيمة، لكنها غير كافية لضمان العدالة والواقعية في التقدير.
فالقيمة السوقية لعقار ما يمكن أن تختلف بشكل كبير بين وحدتين متشابهتين في الموقع والمساحة، وذلك نتيجة لاختلافات دقيقة في الجودة والكسوة والخدمات المتوفرة في البناء والمنطقة المحيطة به.

ضرورة تحديث معايير التقييم

إن اعتماد معايير تقييم أكثر شمولاً سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح، ومن هذه المعايير:
نوع الكسوة الداخلية والخارجية من حيث وجود تجهيزات حديثة، نوعية المواد المستخدمة، جودة الإنهاء والتشطيبات، فكلها تؤثر مباشرة على القيمة الفعلية للعقار.
الخدمات والمرافق، مثل مدى توفر الكهرباء والماء بشكل دائم، المصاعد، مواقف السيارات، الأمن، النظافة، وغيرها من الخدمات التي ترفع من القيمة السكنية أو الاستثمارية للوحدة.
الوضع التنظيمي والقانوني المتمثل بسلامة الوثائق، وعدم وجود مخالفات أو نزاعات عقارية، والترخيص النظامي، إلخ.
البيئة المحيطة، كوجود المدارس، والمستشفيات، ومراكز التسوق، والارتباط بشبكة المواصلات العامة.
عوامل السوق ومتغيراته، مثل العرض والطلب في المنطقة، اتجاهات السوق العقاري، حالة الاقتصاد المحلي.

نحو آلية أكثر مرونة وعدالة

التقييم العقاري لا يجب أن يكون جامداً أو محصوراً بخرائط سابقة أو بيانات موروثة، بل يجب أن يتمتع بمرونة تسمح بأخذ المتغيرات المستجدة بعين الاعتبار.
كما أن الشفافية في عرض منهجية التقييم وتبرير الأسعار المعتمدة أمر ضروري لتعزيز ثقة المواطنين وضمان العدالة الضريبية.

المطلوب تقييم أدق وأكثر عدالة

إن إعادة فتح الخرائط العقارية وتحديث القيم الرائجة خطوة مطلوبة، لكنها يجب ألا تُستخدم كوسيلة لزيادة الإيرادات من ضريبة البيوع العقارية فقط، بل يجب أن تكون مدخلاً لتحديث شامل في نظام التقييم العقاري في سورية.
فالمطلوب ليس تقييماً أدق فحسب، بل أكثر عدالة أيضاً، يعكس الواقع ويأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في القيمة، وليس المكان والمساحة فقط.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1227