الكهرباء في عهدة القضاء... من يناقش مشاريع الطاقة في سورية؟

الكهرباء في عهدة القضاء... من يناقش مشاريع الطاقة في سورية؟

في مشهد أثار الكثير من التساؤلات، ظهر وزير العدل السوري الدكتور مظهر الويس في اجتماع مع وفد من البنك الدولي، لمناقشة آليات تمويل مشروع لإعادة تأهيل قطاع الطاقة الكهربائية في سورية.

الخطوة، بقدر ما تبدو غير اعتيادية، تفتح باباً واسعاً للحديث عن اختلال الصلاحيات وتخبط الأدوار داخل المؤسسات الحكومية، وتحديداً في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد.

حين تغيب الاختصاصات…

قطاع الطاقة في سورية يعيش واحدة من أكثر أزماته حدة، ما يجعله في صدارة أولويات العمل الحكومي. وهذا يتطلب إدارة فنية، واقتصادية، وهندسية متخصصة تقودها وزارة الكهرباء وبمشاركة فاعلة من وزارات الاقتصاد والتخطيط والمالية.
لكن أن يتصدر المشهد وزير العدل، المسؤول تقليدياً عن الشؤون القضائية والتنظيم القانوني، فهذا يثير تساؤلات حول مدى وضوح خارطة المسؤوليات داخل الحكومة.
فهل نحن أمام غياب حقيقي للتنسيق، أم أمام ارتباك إداري يجعل من الصعب التمييز بين المهام التخصصية لكل وزارة؟
وهل أصبحت الاجتماعات مع المؤسسات المالية الدولية تُدار بمنطق التمثيل العشوائي لا التخطيط المحكم؟

البنك الدولي... وحذر مشروع

لا يمكن إنكار أن التعاون مع البنك الدولي– رغم أنه قد يفتح أبواب التمويل– ليس أمراً يمكن التعامل معه بخفة.
فقد ارتبطت سياسات البنك في عدد من دول العالم باشتراطات اقتصادية صارمة، تسببت أحياناً في إضعاف الاقتصاد المحلي وتعميق الأزمات الاجتماعية.
هنا قد يكون لوزارة العدل دور ثانوي مهم، كضامن قانوني يُشرف على الجوانب القانونية للعقود أو يحلل الأبعاد التشريعية للتمويل، لكن ليس كطرف أول يقود النقاش حول استراتيجية وطنية تتعلق بالطاقة.

أين وزارة الكهرباء؟

السؤال الأكبر الذي يفرض نفسه: لماذا غابت وزارة الكهرباء عن المشهد؟ وكيف يتم بحث مستقبل أحد أهم القطاعات الاستراتيجية دون حضور الجهة المعنية مباشرةً؟
هذه ليست مجرد ثغرة إدارية، بل إشارة إلى خلل أعمق في آليات اتخاذ القرار، وغياب التنسيق المؤسسي.
في دول تحترم تخصص مؤسساتها، لا يمكن لوزير العدل أن يناقش مشاريع للطاقة، تماماً كما لا يمكن لوزير الصحة أن يتفاوض بشأن السياسات الزراعية.
فكل وزارة تمتلك طاقماً فنياً وخبراء قادرين على التعامل مع قضاياهم وفق أسس مهنية دقيقة، وهذا هو جوهر العمل المؤسسي.

ما الذي نقرأه بين السطور؟

إن تداخل الأدوار بهذا الشكل لا يعكس أزمة تنظيم داخلي فقط، بل قد يشير إلى انعدام استراتيجية حكومية واضحة في التعاطي مع ملفات حساسة كالطاقة.
والأسوأ، أنه يعطي إشارات سلبية للجهات الدولية، توحي بعدم الاستقرار الإداري وضعف البنية المؤسسية، ما قد ينعكس على فرص التمويل والتعاون الخارجي.

الكهرباء ليست قضية قانونية

في النهاية، لا يمكن النظر إلى ملف الطاقة بوصفه قضية قانونية تُناقش في مكاتب وزارة العدل، بل باعتباره تحدياً وطنياً يتطلب رؤية شاملة، وخططاً مدروسة، وقيادة متخصصة.
وإذا كانت مشاريع الطاقة تُبحث اليوم تحت مظلة القضاء، فإن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: من يُدير التخطيط؟ ومن يملك القرار؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
1227