أزمة رواتب المتقاعدين... وعود زائفة وواقع مؤلم

أزمة رواتب المتقاعدين... وعود زائفة وواقع مؤلم

في صباح يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من نيسان 2025، أعلنت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن بدء صرف رواتب المتقاعدين لشهر نيسان، وفق تصريح لمدير عام المؤسسة، حسن خطيب، لوكالة الأنباء السورية «سانا». حيث أكد أن المعاشات باتت متاحة عبر المصارف العامة ومراكز البريد في مختلف المحافظات، مشيراً إلى أن الكتلة المالية المخصصة للرواتب بلغت 161 مليار ليرة سورية.

لكن هذه التصريحات لم تنعكس على أرض الواقع. فالمتقاعدون، وهم من كبار السن وغالبيتهم يعانون من أمراض مزمنة، توافدوا إلى الصرافات الآلية صباح الأربعاء، ثم الخميس، وبعده يوم السبت مطلع الأسبوع الحالي، في مشهد يكرر نفسه دون جدوى، إذ لم يتمكنوا من استلام معاشاتهم، وبقيت الوعود والتأكيدات حبراً على ورق.

الازدحام أمام عدد محدود من الصرافات العاملة ليس بالأمر الجديد، بل هو مشكلة مزمنة تعاني منها البلاد منذ سنوات، غير أن المشكلة تعاظمت هذه المرة بفعل غياب المصداقية في الإعلان عن موعد الصرف، كما هي حال المواعيد المقطوعة لصرف المنحة.

فحين يُقال للناس إن الرواتب باتت متوفرة، فإنهم سيتوجهون فوراً للحصول عليها، ولا سيما وأنها المصدر الوحيد للدخل بالنسبة لهم، ومعظمهم لا يملك القدرة على العمل أو الانتظار الطويل في ظل أوضاع صحية متدهورة.

ما يزيد الطين بلّة هو أن هذا الراتب، الهزيل أساساً، لا يكفي لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة من غذاء ودواء وخدمات، ومع ذلك يُجبَر هؤلاء المواطنون على تحمل الإهانة والتعب في طوابير لا نهاية لها، من أجل قبض راتب بالكاد يسد رمقهم.

الحلول المطلوبة ليست مستحيلة

المطلوب اليوم، وبشكل عاجل، هو إعلان مواعيد دقيقة وحقيقية لصرف المعاشات، بعيداً عن التصريحات غير الدقيقة والوعود التي لا تتحقق. كما يجب على الجهات المعنية العمل على زيادة عدد الصرافات الآلية وضمان جاهزيتها التقنية لتقليل الازدحام وتخفيف الضغط، خصوصاً في المناطق التي تشهد كثافة سكانية مرتفعة من كبار السن والمتقاعدين.

لكن كل هذه الإجراءات، وإن كانت ضرورية، لا تعفي الحكومة من مسؤوليتها الأكبر، وهي إعادة النظر في قيمة الرواتب التقاعدية ذاتها، التي باتت لا توازي شيئاً أمام موجات الغلاء المتلاحقة.

إن تأمين حياة كريمة لهؤلاء الناس في سنوات عمرهم الأخيرة ليس منّة، بل واجباً وحقاً مستحقّاً، يجب أن يُلبّى بكل جدية واحترام.

الحق المشروع والكرامة

الكرامة لا تُشترى، ولكن تُصان بسياسات مسؤولة وقرارات عادلة.

فالمتقاعدون لا يطلبون المستحيل، إنهم يريدون أن يعيشوا بكرامة فقط، دون إذلال أو معاناة، وأن يحصلوا على حقهم المشروع بوسائل إنسانية تحفظ لهم ما تبقى من أعمارهم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1224