وزير الاتصالات يثير الجدل حول صلاحيات الهيئة الناظمة ومخاطر الفوضى الرقمية
في خطوة مفاجئة، أعلن وزير الاتصالات وتقانة المعلومات في الحكومة السورية، عبد السلام هيكل، عن إلغاء التراخيص والتصاريح والرسوم المفروضة على تقديم الخدمات عبر التطبيقات الإلكترونية، وذلك ضمن ما وصفه «بتوجه الحكومة بقيادة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى توفير بيئة داعمة وممكنة للتكنولوجيا والابتكار».
الوزير اعتبر أن هذا القرار يمثل انتقالاً نحو «نموذج حديث» يشجع المبادرة ويعتمد على الثقة والمسؤولية، ويهدف إلى تحفيز روّاد الأعمال وجذب السوريين في المهجر للعودة والاستثمار في السوق الرقمية المحلية. كما أكد أن لدى الوزارة مبادرات أخرى قيد الإطلاق لتعزيز ريادة الأعمال في البلاد.
لكن على الرغم من النوايا المعلنة، يثير هذا القرار تساؤلات جوهرية حول تجاوزه لصلاحيات الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، وهي الجهة المخوّلة بموجب القانون بتنظيم قطاع التطبيقات الإلكترونية.
فالهيئة مسؤولة وفقاً للقانون عن وضع الضوابط- إصدار التراخيص- مراقبة جودة الخدمات- وحماية أمن المعلومات وحقوق المستخدمين.
إن الإلغاء الكامل للتراخيص والتصاريح والرسوم، دون بدائل تنظيمية واضحة، قد يؤدي إلى فوضى رقمية تنعكس سلباً على ثقة المستخدمين، وتهدد خصوصية بياناتهم وأمنهم الرقمي.
إذ إن «التنظيم اللاحق» الذي أشار إليه الوزير لا يُعد كافياً لاستدراك اختراقات أمنية أو سوء استخدام البيانات بعد وقوعها.
ورغم أهمية تشجيع روّاد الأعمال وفتح المجال أمام المشاريع الناشئة، إلا أن إطلاق الطاقات لا يعني بالضرورة التساهل أو التهاون في المعايير القانونية والتنظيمية.
فالتراخيص ليست عقبة بيروقراطية بقدر ما هي أداة قانونية لضمان السلامة، والمتابعة والمساءلة عند اللزوم، والجودة في الخدمات الإلكترونية واستدامتها.
إن البيئة الرقمية السورية بحاجة إلى مزيج من الدعم والتشجيع من جهة، والانضباط والرقابة من جهة أخرى.
على ذلك فإن تجاوز الهيئة الناظمة للاتصالات في قرارات كهذه لا يضعف بنية التنظيم المؤسساتي فقط، بل يفتح الباب أمام تضارب الصلاحيات وغياب المعايير الموحدة، ما يُعرّض السوق الرقمية المحلية لمخاطر قانونية وتقنية وأمنية يصعب تداركها لاحقاً.
استناداً إلى كل ما سبق يبدو من الضروري إعادة النظر في آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بالتحول الرقمي، وضمان أن تكون الهيئة الناظمة للاتصالات شريكاً فاعلاً وفقاً لمهامها وواجباتها القانونية، لا مُتجاوزاً في هذه العملية، حتى لا يتحول الحماس للتجديد إلى مدخل للفوضى الرقمية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1223