حكومة تسيير الأعمال خلال ثلاثة أشهر بين الإصلاحات والجدل حول الصلاحيات
منذ توليها مهامها في 10 كانون الأول 2024، عملت حكومة تسيير الأعمال على إدارة شؤون البلاد في ظل ظروف اقتصادية صعبة وتحديات معيشية متفاقمة.
ورغم أن دورها الأساسي هو تصريف الأعمال بشكل مؤقت، إلا أنها اتخذت قرارات مصيرية أثارت جدلاً واسعاً، خاصة فيما يتعلق بإنهاء الدعم، إعادة هيكلة القطاع العام، والخصخصة، ما دفع البعض إلى اتهامها بتجاوز صلاحياتها كحكومة تسيير أعمال!
القرارات والتوجهات الإيجابية نسبياً
رغم الجدل المثار حول سياساتها، إلا أن الحكومة اتخذت بعض الخطوات التي يمكن اعتبارها إيجابية بشكل نسبي، منها:
ضبط الأمن واستقرار المؤسسات، فقد عملت الحكومة على الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة ومنع أي فراغ إداري قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع.
تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، حيث تم اتخاذ قرارات لخفض الهدر في القطاع العام عبر إعادة النظر في التوظيف والهيكلة الإدارية، رغم أن هذه الخطوات جاءت على حساب الموظفين.
زيادة إنتاجية بعض القطاعات، حيث تم الإعلان عن خطط لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، خاصة في قطاعي الصناعة والزراعة، مع نتائج أقل من خجولة عملياً.
القرارات السلبية وأثرها على المواطنين
في المقابل، جاءت العديد من قرارات الحكومة لتزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين والموظفين، ومن أبرز هذه القرارات:
رفع الدعم عن المواد الأساسية، حيث تم إنهاء الدعم على الخبز، فقد ارتفع سعر ربطة الخبز من 400 ليرة إلى 4000 ليرة، وأسطوانة الغاز المنزلي من 25 ألف ليرة إلى 150 الف ليرة، مما تسبب في أزمة معيشية حادة.
زيادة أجور النقل العام (السرافيس) من 1000 ليرة إلى 4000 ليرة، ما شكل عبئاً كبيراً على المواطنين، خاصة الموظفين والطلاب.
إجراءات الخصخصة وإغلاق بعض المؤسسات العامة، فقد تم حل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية ونقل مهامها إلى وزارة الاقتصاد، في خطوة أثارت تساؤلات حول مصير موظفيها، مع الحديث عن إجراءات خصخصة تشمل بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية، مما قد يؤدي إلى تقليص دور الدولة في الاقتصاد وزيادة التبعية للقطاع الخاص.
إعادة هيكلة الوظائف وتسريح المتعاقدين والمؤقتين، بالإضافة إلى منح آلاف الموظفين في القطاع العام إجازات مدفوعة الأجر لمدة ثلاثة أشهر، وسط مخاوف من أن تكون هذه الخطوة مقدمة لتسريحهم نهائياً بسبب الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة.
إعادة توزيع المعلمين وفقاً لمراكز تعيينهم الأصلية، ما تسبب في احتجاجات واسعة، بسبب التكاليف المرتفعة للسفر.
التضييق على المواطنين اقتصادياً، فقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية نتيجة تخفيض الدعم، فيما بقيت الرواتب دون زيادة، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق، وقد تزايدت الشكاوى من ضعف القدرة الشرائية لتوفر بعض المواد الأساسية بعد رفع الدعم عنها، مثل المحروقات والمواد الغذائية.
تجاوز الصلاحيات
حكومة تسيير الأعمال مهمتها الأساسية هي إدارة البلاد بشكل مؤقت دون اتخاذ قرارات استراتيجية طويلة الأمد، إلا أنها قامت بخطوات اعتبرها الكثيرون تجاوزاً لصلاحياتها، ومنها:
إقرار سياسات اقتصادية حاسمة، فقرارات مثل إلغاء الدعم، الخصخصة، وإعادة هيكلة الوظائف تحتاج إلى حكومة بصلاحيات كاملة لا حكومة مؤقتة.
إلغاء مؤسسات عامة وإعادة توزيع الأدوار الاقتصادية، كإنهاء مؤسسة التجارة الخارجية وإجراءات أخرى تمس بنية الاقتصاد بشكل دائم، وهو أمر يفترض أن يكون من اختصاص حكومة منتخبة أو بتفويض شعبي واسع.
عدم التشاور مع القوى المجتمعية والسياسية، فالعديد من القرارات اتخذت دون حوار سياسي ومجتمعي حقيقي، أو استفتاء شعبي في ظل غياب البرلمان، مما زاد من حالة عدم الرضا بين المواطنين.
مزيد من التدهور الاقتصادي والاحتقان المجتمعي
بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيلها، تبدو حكومة تسيير الأعمال وكأنها تسير بخطا ثابتة نحو تغيير جذري في بنية الاقتصاد السوري، لكنها تواجه انتقادات واسعة بسبب اتخاذها قرارات مصيرية رغم لكونها حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال فقط!
فبينما يرى البعض أن هذه الإصلاحات ضرورية لمواجهة الأزمة الاقتصادية، يعتبرها آخرون خطوات غير مدروسة تزيد من معاناة الشعب السوري وتؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية!
مقابل ذلك فإن واقع الحال يقول إن هذه السياسات لم تساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد والمعيشي للعباد، بل أدت إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والاحتقان المجتمعي والاحتجاجات المتجددة بأشكالها المختلفة.
أما عن الحلول فبكل اختصار يمكن القول إن بوابتها سياسية تتمثل بالمؤتمر الوطني العام، بتمثيلاته السياسية والمجتمعية الشاملة والجامعة للسوريين، وبمخرجاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتوافق عليها وطنياً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1217