إعادة التقييم والاعتراف بالأخطاء وضرورة مراجعة قرارات التسريح التعسفي
قرار مستشفى ابن النفيس بدمشق إعادة جميع الموظفين إلى وظائفهم بعد عملية إعادة تقييم، باستثناء من لديهم 25 سنة خدمة، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عملية التقييم الأولية لم تكن دقيقة أو عادلة.
فقد جاء في الإعلان الرسمي لصفحة الخدمات الطبية للمستشفى:
«بعد إعادة التقييم تم عودة جميع الموظفين بمشفى ابن النفيس بسبب الحاجة الماسة لوجودهم بالمشفى، لأنه بالأساس يوجد نقص بالموظفين، واستُثني من العودة من لديهم 25 سنة خدمة ليقدموا استقالة نظامية ويحصلوا على رواتب تقاعدية»
هذه الخطوة، رغم أنها جاءت متأخرة، تشكل إقراراً واضحاً بأن التقييم الأولي لم يكن صائباً، لا من حيث مبرراته، ولا من حيث آلياته، ولا حتى من حيث نتائجه.
فما معنى تسريح موظفين بحجة «زيادة العدد» أو «عدم الفاعلية» ثم إعادتهم لاحقاً بحجة «النقص الحاد»؟
الأخطاء في آلية التقييم الأولية ونتائجها
إن إعادة التقييم لموظفي مستشفى ابن النفيس تفتح الباب واسعاً لطرح تساؤلات جوهرية حول مدى دقة القرارات السابقة التي طالت عشرات آلاف الموظفين في مختلف الجهات العامة، والتي أدت إلى تسريح تعسفي جماعي بحجج وذرائع ثبت لاحقاً أنها غير دقيقة.
فعملية التقييم الأولية يبدو أنها استندت إلى معايير غير موضوعية، ما أدى إلى فقدان جهات خدمية لموظفين ذوي خبرة، ليُكتشف لاحقاً أن الحاجة إليهم قائمة، وهو يعني بعلم الإدارة تسرعاً في اتخاذ القرار.
وكيف يمكن لجهة أن تتخذ قراراً بالتسريح بحجة وجود فائض، ثم تتراجع عن القرار بسبب النقص الحاد؟ فهذا التخبط يعكس غياب الرؤية الاستراتيجية في إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، والذي يمكن تسميته الافتقار إلى التخطيط.
فهناك عشرات الآلاف من العاملين الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا مصدر دخل، ما أدى إلى تداعيات كارثية على أسرهم، وأسهم في رفع معدلات البطالة في ظروف اقتصادية صعبة أساساً، وهذا ما يمكن وضعه ضمن الآثار الاجتماعية والاقتصادية السلبية للقرارات المتسرعة.
يضاف إلى كل ما سبق أن التسريح الجماعي للموظفين انعكس سلباً على أداء المؤسسات الخدمية، كالمشافي والمدارس والدوائر الرسمية، حيث تسبب بنقص كبير في الكوادر وأضعف مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
ضرورة تعميم إعادة التقييم على بقية القطاعات
بما أن إعادة تقييم قرارات التسريح في مستشفى ابن النفيس كشفت عن أخطاء جوهرية، فمن الضروري أن تمتد هذه المراجعة إلى باقي القطاعات التي شهدت حالات مماثلة.
فلا يمكن الاكتفاء بمعالجة الخطأ في حالة واحدة وترك بقية المتضررين دون إنصاف!
فكل قرار تسريح تعسفي يحتاج إلى إعادة تدقيق، وفق معايير أكثر عدالة وموضوعية، تراعي مصلحة العاملين ومصلحة المؤسسات على حد سواء.
إن إعادة الموظفين إلى مستشفى ابن النفيس ليست مجرد خطوة إدارية، بل هي شهادة على أن قرارات التقييم السابقة لم تكن صائبة، وأنها تحتاج إلى إعادة نظر شاملة في جميع القطاعات.
فالعدالة تقتضي أن يحصل جميع المتضررين على حقوقهم، ليس من خلال إعادتهم إلى وظائفهم فقط، بل ومنحهم تعويضات عادلة عن الضرر الذي لحق بهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1217