مشروع «طريق التنمية» أين دور الحكومة السورية؟ وأين مصلحة سورية؟
أفاد وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، بحسب «تلفزيون سوريا»، بأن: تركيا تفكر في ربط سورية بمشروع «طريق التنمية» الذي سيختصر زمن الشحن بين الشرق الأقصى ولندن. وأكد أن تركيا تعمل على دعم البنية التحتية السورية في مجالات النقل والمواصلات.
يبدو أن الحديث عن مشروع «طريق التنمية»، الذي يهدف إلى تقليص زمن الشحن بين الشرق الأقصى وأوروبا عبر تركيا والعراق، يتجاوز كونه مجرد مشروع اقتصادي، ليعكس رؤية تركية لدور أكبر في المنطقة.
فرغم أن المشروع يحمل في طياته إمكانية تحسين البنية التحتية السورية، إلا أن التصريحات الرسمية التركية التي رافقته تطرح العديد من التساؤلات حول غياب الدور السوري في هذه المسألة الحيوية، وعدم وضوح الفوائد التي من المفترض أن تعود على سورية من هذا المشروع.
أين الحكومة السورية في هذا المشروع؟
اللافت في تصريحات وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، أنها قدمت تصوراً كاملاً لكيفية تنفيذ المشروع، وسبل ربط سورية به، وخطط تركيا لإعادة تأهيل البنية التحتية السورية في مجالات النقل والمواصلات، ولكن دون أي ذكر لدور الحكومة السورية أو وزارة النقل السورية في هذه العملية!
فهل يتم تنفيذ المشروع بترتيبات ثنائية مباشرة بين تركيا والجهات السورية المعنية، أم إن دمشق مغيبة تماماً عن اتخاذ القرارات المتعلقة بمشروع يمسّ سيادتها واقتصادها؟
إن إرسال وفود تركية إلى مطاري دمشق وحلب، وإجراء عمليات الفحص والتقييم، وحتى الحديث عن تدمير 32 جسراً داخل سورية، تمّ وكأن الحكومة السورية ليست طرفاً رئيسياً في هذه المسألة.
والأمر لا يقتصر على النقل فقط، بل يتحدث الوزير التركي عن تقييم شامل لشبكة الطرق، والسكك الحديدية، والموانئ، وقطاع الاتصالات، ما يفتح المجال للتساؤل: هل تتعامل تركيا مع البنية التحتية السورية كمساحة مفتوحة للتدخل دون تنسيق رسمي واضح مع السلطات السورية؟
لماذا تغيب الشفافية مع السوريين حول مشروع يؤثر على مستقبلهم؟
أي مشروع تنموي بهذا الحجم يجب أن يكون موضوعاً للنقاش العام، خاصة عندما يتعلق بمستقبل البنية التحتية السورية والاقتصاد الوطني.
غير أن ما نلاحظه في هذا المشروع هو غياب أي تواصل شفاف مع السوريين بشأن تفاصيله، وآثاره على الاقتصاد المحلي، وطبيعة الاتفاقات التي تحكمه!
فلم تُطرح أية معلومات حول طبيعة مشاركة الشركات السورية أو دور العمالة المحلية في تنفيذ المشروع، ولا عن العائدات الاقتصادية التي قد تجنيها سورية من ربطها بهذا الطريق التجاري، بل على العكس، يتم الحديث عن تركيا كمركز تجاري عالمي مستفيد، بينما لا نجد إشارة واضحة إلى كيفية استفادة سورية كدولة مضيفة لهذا الطريق!
فهل يعني ذلك أن سورية ستكون مجرد ممر لوجستي، دون أن تحقق مكاسب اقتصادية حقيقية؟
هل هناك مكاسب حقيقية لسورية، أم إن التركيز على المصالح التركية فقط؟
تصريحات الوزير التركي تركز بشكل واضح على أن هذا المشروع سيجعل تركيا مركزاً تجارياً عالمياً، وسيربط الموانئ التركية بالبحار الرئيسية، لكنه لم يتطرق إلى ما يمكن أن تجنيه سورية من هذا الربط.
فعلى سبيل المثال، هل ستستفيد الموانئ السورية من حركة الشحن الدولي، أم إن الشحنات ستبقى متمركزة في تركيا؟
وهل سيكون هناك استثمار تركي مباشر في إعادة إعمار البنية التحتية السورية، أم إن الأمر مجرد تنفيذ أعمال فنية لضمان تشغيل الطرق والموانئ بما يخدم المصالح التركية؟
فحتى الحديث عن إعادة تأهيل المطارات السورية، وخاصة مطار دمشق، جاء في سياق تأمين سلامة الرحلات الجوية، وليس كجزء من خطة اقتصادية متكاملة لتنشيط قطاع الطيران المدني في سورية.
وإذا كانت تركيا قد أرسلت فرقاً فنية وأجهزة ومعدات للمطارات، فهل هذا يعني أن الإدارة التشغيلية لهذه المنشآت ستكون خاضعة لترتيبات تركية؟
مشروع اقتصادي أم ترتيب سياسي؟
لا شك أن تحسين البنية التحتية السورية أمر ضروري ومطلوب، خاصة بعد سنوات من الحرب التي دمرت الكثير من المرافق الأساسية، لكن الطريقة التي يتم الحديث بها عن مشروع «طريق التنمية» تثير مخاوف مشروعة حول مدى استقلالية القرار السوري في هذا الملف، وحجم الفائدة التي ستعود على سورية.
فالمشروع يُعرض وكأنه مبادرة تركية بحتة، في حين أن المصلحة الوطنية السورية يجب أن تكون محور أي نقاش حول إعادة الإعمار والتطوير.
يجب أن يكون هناك وضوح وشفافية في التعامل مع السوريين حول المشاريع الاقتصادية التي تمس مستقبلهم، كما ينبغي أن يكون للحكومة السورية دور رئيسي في أي اتفاقات تخص البنية التحتية الوطنية.
فالمسألة ليست مجرد طريق شحن دولي، بل ترتبط بالسيادة الاقتصادية لسورية، وحقها في أن تكون شريكاً فاعلاً، وليس مجرد معبر تجاري لمصالح الآخرين!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1216