زيادة تعرفة النقل بين المحافظات وعدم الالتزام بها!

زيادة تعرفة النقل بين المحافظات وعدم الالتزام بها!

كما جرت العادة، وبذريعة ارتفاع تكاليف التشغيل، عدلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التعرفة الكيلومترية لشركات نقل الركاب العاملة بين المحافظات، وذلك بموجب تعميم صادر بتاريخ 29/7/2024!

وتجدر الإشارة إلى أن آخر تعديل على التعرفة كان قد تم خلال شهر آب 2023، أي منذ عام بالتمام والكمال، بتاريخ 8/8/2023!
وفي حيثيات التعاميم الصادرة، القديم والجديد، عبارة افتتاحية تقول «إشارة الى المعروض المقدم إلينا من أصحاب شركات نقل الركاب العاملة بين المحافظات والمحدثة على قانون الاستثمار رقم 10 والمتضمن تعديل التعرفة الكيلومترية لتلك الشركات في ضوء الواقع الحالي والفعلي»، وعبارات إضافية في المتن تتحدث عن «إلزام شركات النقل كافة بالتقيد بالتعرفة الكيلومترية، والإعلان عنها بشكل واضح وصريح ضمن مكاتب قطع التذاكر، واعتبارها حداً أقصى لا يمكن تجاوزه».

تبريرات!

نقل موقع «أثر برس» بتاريخ 2/8/2024 عن مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قوله إن «القرار القاضي برفع أجور نقل الركاب بين المحافظات صدر بناءً على ارتفاع تكاليف التشغيل للبولمان الواحد، من ارتفاع الزيوت المعدنية وأجور الصيانة والإصلاح وقطع الغيار والرواتب والأجور وغيرها من التكاليف الأخرى وفقاً لطلبات شركات النقل».
فالزيادة في التعرفة الكيلومترية تم اعتمادها بناء على طلب الشركات، واستناداً إلى تكاليف التشغيل التي تقدمها هذه الشركات للوزارة، وما على الوزارة إلا التجاوب مع مطالب هذه الشركات كما جرت العادة طبعاً!
مقارنة سعرية!
الجدول التالي يبين التعرفة السابقة والحالية ونسبة الزيادة:

1186-4

يبين الجدول أعلاه أن نسبة الزيادة على التعرفة الكيلومترية التي تم إقرارها من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هي 26% عما كانت عليه سابقاً، وهي تعادل آلاف الليرات الإضافية من الناحية العملية، بحسب المسافة المقطوعة بين المحافظات وبحسب نوع الحافلة المستخدم!

ويبدو أن نسبة زيادة التعرفة تعتبر مرتفعة بمقاييس الدخول وإمكانات المواطنين، وهي غير منطقية بحال أخذنا بعين الاعتبار الاستقرار النسبي لسعر الصرف خلال الفترة الماضية، الذي تسعر بموجبه الكثير من حيثيات التكلفة المبوبة أعلاه!
لكن بالمقابل يمكن القول إن زيادة التعرفة أعلاه ليست شاذة بحال مقارنتها مع معدلات الارتفاعات السعرية التي طرأت خلال عام على بعض السلع والخدمات، بما في ذلك بعض الأسعار الرسمية، التي تعتبر مهمازاً وذريعةً لزيادة أسعار السلع والخدمات!

عدم الالتزام مشكلة والأجور مشكلة أكبر!

من المفروغ منه أن المواطنين متضررون من كل ارتفاع سعري يدفعون ضريبته على حساب ضروراتهم!
فالمضطر للانتقال من دمشق إلى طرطوس مثلاً سيتحمل تكلفة نقل بالبولمان لا تقل عن 40 ألف ليرة للذهاب ومثلها للإياب، وبحال كان هذا المواطن طالباً جامعياً أو عسكرياً فإن التكلفة الشهرية لن تقل عن 160 ألف ليرة، بحال الاضطرار للانتقال مرتين بالشهر فقط، والتي يضاف إليها أجور مواصلات أخرى، وبمجموع لن يقل عن 200 ألف ليرة، وهي بلا أدنى شك تكلفة مرتفعة تفوق إمكانات المواطنين بغالبيتهم المفقرة!
والمشكلة بالنسبة لهؤلاء المضطرين لا تقف عند حدود التكلفة المرهقة أعلاه فقط، بل بعدم الالتزام بالتعرفة من قبل غالبية شركات النقل، وخاصة خلال أيام الذروة في الازدحام، مطلع ونهاية كل أسبوع، نهباً واستغلالاً، ضاربة بعرض الحائط كل تحذيرات الوزارة التي تمنع ذلك افتراضاً!

أما مشكلة المشاكل التي لا تعيرها الحكومة ووزاراتها أي اهتمام فهي مهزلة الأجور الهزيلة!
فالحكومة والجهات الرسمية، وعندما تتخذ قرارات الزيادات السعرية وتصدرها وتبرر ذرائعها، تأخذ بعين الاعتبار كل التفاصيل بما يخص حيثيات التكلفة، والأهم تحقيق رغبات كبار أصحاب الأرباح بضمان هوامش أرباحهم السهلة والسريعة والاستغلالية، باستثناء تفصيل وحيد خارج الاهتمام الرسمي دائماً وأبداً يتمثل بواقع الأجور التي فقدت تناسبها مع الأسعار منذ زمن طويل!

لتتراكب المشاكل على المواطن المضطر للانتقال من محافظة لأخرى، لتأتي عليه من كل حدب وصوب، بالتعرفة التي ترتفع بين الحين والآخر، وبالسعر الاستغلالي الإضافي الذي تفرضه شركات النقل، وباللا مبالاة الرسمية بواقعه المعيشي والخدمي المرتبط بأجره الهزيل، الذي أصبح فعله وتأثيره شبه صفري مقارنة بالأسعار!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1186
آخر تعديل على السبت, 10 آب/أغسطس 2024 14:59