«سيريتل» رفع أسعار مقنّع تحت مسمى «إعادة الهيكلة»!
تحت مسمى «إعادة هيكلة الباقات» قامت شركة سيريتل برفع أسعار العديد من باقاتها، خلسة ودون أي إعلان رسمي، حيث تفاجأ العديد من المواطنين بتاريخ 30-31/7/2024 بوصول رسائل نصية تخبرهم بسعر باقاتهم الجديد، الذي سيطبق اعتباراً من تاريخ 1/8/2024، وهنا كانت الصدمة!
فهناك باقات زادت ما يقارب 20 ألف ليرة دون أي مبرر، إذ لم تكلف الشركة نفسها عناء الإعلان أو التوضيح عن أسباب هذا الرفع، بل اكتفت بعرض الباقات وأسعارها ورموز تفعيلها، كأن شيئاً لم يكن!
الأكثر من ذلك أنها تباهت بإهداء المشتركين رسائل نصية «مجانية» متضمنة في باقاتها، ولا ندري ما الهدف منها!
فمن يستخدم الرسائل النصية اليوم، في ظل توفر العديد من وسائل التواصل الاجتماعي، إلا للحالات النادرة الاضطرارية؟
فالرسائل النصية من الناحية العملية لا تقدم الفائدة للمواطن، وهي على ذلك بمسمى «باقات الرسائل المجانية» ليست سوى خدعة تسويقية لتبرير الزيادة السعرية على الباقات، ولامتصاص غضب المشتركين وامتعاضهم!
وهنا نتساءل هل عبارة «إعادة الهيكلة» التي تضمنت زيادات سعرية على بعض باقات الشركة، هي التفاف وتجاوز على دور الهيئة الناظمة للاتصالات، التي من المفترض أن تمنح الموافقة على أي زيادة في تعرفة الخدمات من قبل شركات الخليوي، أم إن الهيئة هي من منحت هذه الشركات إمكانية زيادة التعرفة لبعض خدماتها بمعزل عنها، لتقوم بتسعير باقاتها التسويقية على هواها، دون رقيب ولا حسيب تحت مسمى باقات وعروض، ودون مبرر لذلك؟!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الزيادة السعرية تحت مسمى «إعادة الهيكلة» شمل أكثر الباقات استخداماً من قبل المواطن، بالرغم من إعلان الشركة أن أسعار بعض باقاتها لم يطرأ عليها أي تعديل سعري، مثل باقات النقابات والصحفيين وغيرها!
أهداف ربحية على حساب المواطن سقط كل الذرائع!
ما حدث بداية شهر آب الحالي ليس بجديد، إذ عمدت الشركة ذاتها لنفس الخدعة في بداية شهر شباط من العام الحالي، حين رفعت أسعار باقات الإنترنت بنسبة تجاوزت 100%، بما في ذلك الباقات التي كانت مخصصة للنقابات المهنية والطلاب، بذريعة ارتفاع التكاليف التشغيلية!
لكن اللافت أنه ورغم الارتفاع المستمر في أسعار الخدمات إلا أن الخدمة المقدمة للمواطن لم تتحسن، بل استمرت بالانحدار من سيّئ إلى أسوأ!
فما هو السبب؟
هل هو في عدم قدرة البنية التحتية لشركات الاتصالات (سيريتل وMTN ) على تحمل ضغط المستخدمين الكبير والمتزايد؟
أم هو في سعي هذه الشركات إلى تحقيق المزيد من الأرباح على حساب عمليات التحديث والصيانة المفترضة، ومن جيوب المواطنين المحكومين بانعدام الخيارات؟!
أرقام وبيانات تسقط الذرائع!
ورد على موقع «أثر برس» بتاريخ 31/7/2024 دراسة أعدها الصحفي زياد غصن كتفنيد رقمي عن موضوع زيادة أسعار الباقات وذريعة المصاريف والخدمات، من واقع الإفصاحات المالية لشركتي الخليوي، نقتطع منها ما يلي: «بحسب القوائم المالية المنشورة فإن نسبة الربح الصافي المتحقق لشركة «سيريتل» إلى إجمالي حصتها من إجمالي الإيرادات العامة بلغت في العام الماضي ما يقارب 43,5%، في حين هذه النسبة لم تكن تتجاوز في العام 2022 أكثر من 25,3% وما يقارب 33,1% في العام 2021، وهذا يدل على أن حصة أرباح الشركة من إيراداتها زادت في العام الماضي بشكل مضاعف عما كانت عليه في العام السابق. أما شركة MTN فإن عملية تحليل البيانات تكشف أن نسبة ربحها الصافي إلى إجمالي حصتها من الإيرادات بلغت في العام الماضي ما يقارب 14,2% وذلك مقارنة مع 12,7% في العام السابق، وما يقارب 28,4% في العام 2021، الأمر الذي يشير إلى أن نسبة الربح الصافي للشركة كانت محدودة إلى إجمالي إيراداتها. وإذا انتقلنا إلى بند المصاريف التشغيلية وفق ما ورد في الإفصاح المالي لشركةMTN فإننا سنجد أن نسبة هذه المصاريف إلى حصة الشركة من الإيرادات العامة كانت في تراجع منذ العام 2021، حيث سجلت في ذلك العام ما يقارب 71,6%، لتتراجع في العام التالي إلى ما يقارب 69,3% ثم إلى 67,6% في العام الماضي، في حين أن الإفصاح المالي لشركة «سيريتل» يكشف أن نسبة بند «المصاريف» إلى إجمالي حصة إيرادات الشركة ارتفعت قليلاً بين عامي 2021–2022، ثم استقرت في العام الماضي، ففي عام 2021 سجلت هذه النسبة ما يقارب 38%، وفي العام 2022 ما يقارب 45,6%، وفي العام الماضي ما يقارب 45,5%.
إذاً وفقاً للبيانات والنسب المذكورة سابقاً، فإن بند «مصاريف التشغيل» في MTN، وبند «مصاريف» في «سيريتل» كانت إما في تراجع أو أنها مستقرة... فما هي المصاريف التي ترتفع وتجبر الشركتين على رفع أسعار خدماتهما؟».
التفنيد الرقمي أعلاه يسقط كل ذرائع زيادة المصاريف والتكاليف، وكذلك ذرائع تحسين الخدمة، التي لم تتحسن من الناحية العملية بل ازدادت سوءاً، وصولاً ربما إلى الهدف والغاية من الزيادات الدورية على الأسعار والخدمات وتعرفاتها وهي تغطية معدلات التضخم مع المحافظة على نسب الأرباح، مع المزيد منها، على حساب المشتركين ومن جيوبهم!
فأي رفع لأسعار الخدمات المقدمة من قبل شركات الخليوي لم ولن يحقق تحسيناً على مستوى جودة الخدمات، وإنما المحافظة على استمرارها بوضعها الراهن المتردي، بغض النظر عن رضا المشتركين من عدمه، وعلى مسمع ومرآى وبموافقة الجهات الرسمية المعنية (الحكومة- وزارة الاتصالات والتقانة- الهيئة الناظمة للاتصالات)!
الاستغلال الممنهج!
الإفصاحات المالية السنوية لشركات الخليوي تؤكد أنها تحقق الأرباح المليارية على حساب المشتركين ومن جيوبهم، بخدماتها، بالرغم من تراجع سوية هذه الخدمات عاماً بعد آخر، مع فرض زيادات دورية على أسعارها، سواء بموافقة الهيئة الناظمة للاتصالات أم بتجاوزها!
ومع الأسف لا خيارات متاحة أمام المواطنين إلا الاضطرار للجوء إلى خدمات هذه الشركات الاحتكارية والمحمية، بالرغم من سوء وتردي خدماتها وارتفاع أسعارها!
فالاستغلال الذي يقع ضحيته المواطن متعدد المستويات، سعري مرتبط بهوامش الربح الكبيرة التي تحافظ عليها الشركات، وخدمي مرتبط بسوء وتردي الخدمة، وفوقها زيادات سعرية دورية دون مبرر، والأكثر من ذلك فرض باقات بمفردات خدمية لا يحتاجها المواطن، مثل الرسائل النصية وغيرها!
أما الأسوأ فهو أنه وفي ظل تردي البنية التحتية فإن معدلات استهلاك الباقات يرتفع بالتوازي معها، فالضغط على الشبكة مثلاً في كثير من الأحيان يكون سبباً مباشراً في زيادة معدلات استهلاك باقات الإنترنت، فالدخول إلى أي موقع في ظل الضغط على الشبكة يعني إعادة تكرار محاولات الولوج إليه كي يفتح، وهو خسارة مركبة يدفع ضريبتها المشترك على حساب حجم باقته ومن جيبه!
ولكم أن تتخيلوا حجم الخسائر التي يتكبدها المواطن جرّاء المحاولات المتكررة للولوج إلى تطبيق «وين» مثلاً، كتطبيق يضطر المواطن لتصفحه مراراً وتكراراً خلال الشهر، سواء من أجل رسائل البنزين للسيارات، أو من أجل متابعة حقه في الحصول على جرة الغاز، وقس على ذلك بالنسبة لمستخدمي شبكة الإنترنت على مستوى الاحتياجات الفردية، للدراسة والتواصل، أو على مستوى احتياجات الأعمال!
فهل من استغلال ممنهج أكبر من ذلك؟!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1186