تخفيض الدعم على الغاز المنزلي فرصة نهب واستغلال متزايدة!
تتراوح تكلفة أسطوانة الغاز المدعومة بين 20-24 ألف ليرة بشكل رسمي، ينتظرها المواطن بفارغ الصبر مدة شهرين بالحد الأدنى، وأحياناً تصل إلى أكثر من 90 يوماً، علماً أن متوسط عمرها الافتراضي للاستهلاك المنزلي المقنن قصير، يتراوح بين 30-45 يوم بأبعد الحدود!
لكن مؤخراً، ونتيجة عمليات الشفط والتخسيس، باتت أسطوانة الغاز تكفي استهلاكاً منزلياً مقنناً مدة 15-20 يوماً فقط!
فهل ما زالت أسطوانة الغاز المنزلي مدعومة فعلياً، كما تصرح وتتباهى الجهات الرسمية، أم إن تخفيض الدعم عليها طال مدة استلامها وسعرها ووزنها أيضاً؟!
وهل هذه الأشكال من تخفيض الدعم المباشرة وغير المباشرة، الرسمية وغير الرسمية، غايتها تخفيض الإنفاق في الموازنة العامة، للتباهي بالوفر المحقق على حساب احتياجات المواطنين، أم لزيادة دفع هؤلاء الاضطراري باتجاه مسارب السوق السوداء وعوامل الاستغلال فيها؟!
تهرب من المسؤوليات يدفع ضريبته المواطن!
تزايد الحديث مؤخراً، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام، حول تأخر رسائل الغاز المدعوم من جهة، وقصر عمر الأسطوانة من جهة أخرى، بالإضافة إلى وجود مشكلة بالصمامات المركبة على الأسطوانات، فبعضها رديء وتتسرب منه كميات من الغاز بشكل خفيف قد لا يشعر بها المواطن، ومع طول الوقت تؤدي إلى خسارة وفقدان كمية من الغاز من حساب الاستهلاك الفعلي، وهذا في أفضل الحالات، أما أسوأها فهي حوادث انفجار أسطوانة الغاز التي تزايدت مؤخراً، مسجلة إصابات وضحايا وخسائر بالممتلكات!
وتجدر الإشارة بهذا الصدد كأمثلة إلى انفجار أسطوانة غاز في أحد المطاعم في حي «المزة- فيلات غربية»، وانفجار أسطوانة غاز في محل للمجوهرات في منطقة الميدان، وذلك نتيجة تسرب مادة الغاز، ما أدى إلى إصابة العديد من الأشخاص إضافة إلى أضرار مادية كبيرة!
والأمر لا يقف عند ذلك فقط، فحسب ما نشرته جريدة تشرين بتاريخ 25/3/2024، أنها اطلعت ذات مرة بالمصادفة على بعض الأسطوانات المسلّمة للمعتمدين، وقد قاموا بقلبها على رأسها لإفراغ المياه منها قبل إرسالها إلى وحدة التعبئة لملئها، وأثناءها تمت ملاحظة أن كميات المياه المنسابة من الأسطوانة ليست بقليلة، وهي لا شك تأكل من حصة المواطن المغلوب على أمره، وتجعله يدفع نصف الثمن تقريباً لقاء الماء لا الغاز!
وعند سؤال الصحيفة نفسها لرئيس دائرة حماية المستهلك أشار إلى أن سبب نفاد الأسطوانة السريع هو «التسرب الذي يحدث من الصمام... وبالنسبة لوجود ماء في بعض الأسطوانات، وبعد التدقيق تبين أن المادة هي غاز ولكن ليس مضغوطاً بالشكل المطلوب نتيجة عملية التعبئة»!
والسؤال هنا أليس من المفترض فحص الأسطوانات في معامل التعبئة، واستبعاد المتضرر منها بغية إصلاحه، قبل تعبئتها وإعادة توزيعها على المواطنين؟
وهل وصلت اللا مبالاة حد الاستهتار بحياة الناس وسلامتهم؟
لتبقى الإجابات بعهدة المعنيين، فالتهرب من المسؤولية تخطى موضوعة زيادة مدة الاستلام والاضطرار للجوء إلى السوق السوداء بأسعارها الاستغلالية المرتفعة لتغطية الحاجة، إلى الاستهتار بحياة وسلامة المواطنين!
مسارب ربح سهلة أم قنوات استغلال لحاجة المواطن؟
تزايدت الحاجة للغاز المنزلي مع زيادة مدة استلام الأسطوانة وتقليص وزنها، ومع انعدام البدائل وخاصة الكهربائية بسبب تردي وسوء الكهرباء، زاد نشاط السوق السوداء وارتفعت معدلات الاستغلال فيه!
فقد وصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي في السوق السوداء إلى 250 ألف ليرة، وفي بعض المناطق إلى 300 ألف ليرة!
والاعتماد على الغاز السفري مكلف أكثر، فسعر كيلو الغاز لتعبئة الغاز السفري وصل إلى 30 ألف ليرة، وأحياناً تجاوز 45 ألف ليرة، حسب المكان ودرجة الاضطرار!
ولكم أن تحسبوا الأرباح الكبيرة والسهلة التي يتم كسبها خلال شبكات السوق السوداء على حساب المواطنين ومن جيوبهم!
والسؤال الذي يفرض نفسه عفوياً لماذا يتوفر الغاز في السوق السوداء بكثرة، وبالكميات الكافية لتغطية احتياجات المواطنين الاضطرارية، في حين تعجز الحكومة عن تأمين أسطوانة غاز واحدة لكل أسرة بشكل شهري؟
ولعل الإجابة باتت أكثر عفوية من السؤال نفسه، فحيتان النهب والفساد، القادرون على تزويد السوق السوداء بكميات الغاز المطلوبة، باعتبار أن الغاز المنزلي محتكر توريداً وتوزيعاً بشركة محروقات، قادرون في الوقت نفسه على زيادة الضغط على المواطنين عبر بوابات تخفيض الدعم بأشكاله ومسمياته المختلفة، كي يتمكنوا من زيادة معدلات استغلالهم ونسب أرباحهم على حساب حاجات المواطنين!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1168