عن أي إعادة إعمار يتم الحديث بظل ارتفاع أسعار مستلزماته ومدخلاته؟!

عن أي إعادة إعمار يتم الحديث بظل ارتفاع أسعار مستلزماته ومدخلاته؟!

الزيادات السعرية على السلع والخدمات باتت أمراً اعتيادياً، حيث ترتفع الأسعار، وبدون مبررات، بشكل شبه يومي وأحياناً في نفس اليوم!

لكن ما يمكن اعتباره شاذاً، هو الحديث الرسمي عن ضبط الأسعار وعن مساعٍ لتخفيضها بظل هذا الواقع السعري المنفلت، والأكثر شذوذاً هو الحديث الرسمي عن إعادة الإعمار، والبهرجة الإعلامية عن مساعٍ لاستقطاب الاستثمارات لضخها من أجل هذه الغاية، وبنفس الوقت يتم رفع وزيادة أسعار مدخلاته ومستلزماته رسمياً وغير رسميٍّ بين الحين والآخر وبنسب كبيرة!
فقد أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قراراً رفعت بموجبه أسعار الإسمنت الأسود المعبأ عيار 32,5 المنتج بالمعامل الحكومية من 700,000 ليرة للطن، إلى 1,760,000 ليرة، بنسبة زيادة 150%، وكذلك تم تحديد سعر الطن الفرط بـ1,583,170 ليرة!
والسبب المعلن هو ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وخاصة الكهرباء والفيول، اللذان يشكلان أكثر من 60% من كلفة المنتج.
مع الأخذ بعين الاعتبار أن أسعار الكهرباء والفيول هي الأخرى ترتفع بين الحين والآخر بقرارات رسمية وبنسب كبيرة، كان آخرها قرار رفع سعر الفيول إلى مبلغ 8,994,400 ليرة/ طن بتاريخ 2/10/2023، ما يعني أن الزيادات السعرية الرسمية تعتبر مساهماً رئيسياً بالارتفاعات السعرية في الأسواق!
وعن أسعار بقية مدخلات الأعمال الإنشائية فقد سجل سعر الحديد 14 ملم 12 مليون ليرة/ طن، وسعر النحاتة 225 ألف ليرة/ طن، وسعر البحص 200 ألف ليرة/ طن، وسعر البلوك الهوردي 4300 ليرة/ بلوكة، والبلوك 15 بسعر 4000 ليرة/ بلوكة، وبلوك 10 بسعر 3500 ليرة/ بلوكة، وهذه الأسعار هي الحدود الدنيا في بعض الأسواق مطلع الشهر الحالي، وبدون أجور النقل طبعاً!
وبحسب بعض المختصين، فإن أسعار مدخلات ومستلزمات الأعمال الإنشائية أعلاه، تعني أن تكلفة بناء المتر المربع على العظم للسكن أصبحت تتراوح بين 700,000- 1,000,000 ليرة، وترتفع التكلفة استناداً إلى الموقع الجغرافي وما يتمتع به من خدمات، وكذلك فإن تكلفة الإكساء للمتر المربع أصبحت تبدأ بـ500,000 ليرة بالحد الأدنى، بما في ذلك أجور اليد العاملة، وترتفع بحسب الأنواع والمواصفات والجودة والمصدر، والزيادات التي يمكن إضافتها على مفردات الإكساء!
مع الأخذ بعين الاعتبار، أن كل الأسعار والتكاليف أعلاه تعتبر متغيرة ارتباطاً بالكثير من المتغيرات المؤثرة فيها بشكل مباشر، والتي تبدأ بأسعار المدخلات والمستلزمات وتفاصيلها الكثيرة، وتمر بأجور اليد العاملة، ولا تنتهي بمتغيرات سعر الصرف، مع إضافة عوامل ونسب النهب والاستغلال التي ترفع الأسعار بنسب إضافية!
ولا شك، أن الغالبية المفقرة عاجزة عن امتلاك منزل، عظم أو مكسي، بسبب التكاليف المرتفعة أعلاه، وكذلك أصبح البعض منها عاجزاً حتى عن ترميم منزله أيضاً!
فقد أصبحت عمليات الترميم، الجزئي والكلي، التي يضطر إليها البعض من أجل إعادة تأهيل منزله كي يتمكن مجدداً من السكن فيه، مكلفة جداً، فهي تحسب وفقاً لأسعار مدخلاتها أعلاه كمفردات، مع الأخذ بعين الاعتبار، أن البيع بالمفرق لهذ المدخلات والمفردات أعلى منها بالجملة، ما يعني أن التكلفة على الترميم بحسابات المتر المربع للترميم تصبح أعلى من سعر الإنشاء على العظم أو المكسي، في مفارقة لا يمكن أن نراها إلا في سورية!
وكذلك فإن عمليات الترميم التي من المفترض أن يتم إنجازها على بعض الأبنية الحكومية أصبحت مكلفة وتعجز عنها، بحسب ما تم تخصيصه من اعتمادات مرصودة لها في موازنات الجهات العامة، والحال كذلك ينطبق على المشاريع الموضوعة في الخطط لهذه الجهات مع ما يقابلها من اعتمادات!
فمع الارتفاعات المستمرة على الأسعار، ومع نسب التضخم المستمرة بالارتفاع، تآكلت الاعتمادات المرصودة في الموازنات من أجل عمليات الترميم، ومن أجل أي مشروع إنشائي أو خدمي لمصلحة الجهات العامة، لتصبح هذه الجهات الحكومية عاجزة عن تنفيذ خططها السنوية بالمحصلة!
أمام هذا الواقع بتفاصيله الفاقعة أعلاه نتساءل مع الكثير من المواطنين: كيف لشعار إعادة الإعمار أن يوضع بالتنفيذ، ولماذا كل التهليل والترويج لهذا الشعار طالما ممكنات تحقيقه شبه صفرية، والمهماز في ذلك هي القرارات الحكومية نفسها، وسياساتها المتبعة!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1144
آخر تعديل على الخميس, 19 تشرين1/أكتوير 2023 16:25