داريا...انتشار السرقات وغياب دور أجهزة الدولة!
انتشرت في داريا في الآونة الأخيرة ظاهرة السرقة، وازدادت لتطال الأصول الخدمية، العامة منها والخاصة، ويكاد لا يخلو يوم من تسجيل حادثة سرقة لكبل كهرباء أو ألواح الطاقة الشمسية، أو مولدات الكهرباء الصغيرة، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى سرقة محولات الكهرباء العامة.
والغريب في الأمر، أن الرادع الأخلاقي أو القانوني شبه غائب، فالسارق يبدو أنه أصبح غير آبه بالعقاب يأساً وإحباطاً، أو كأنه مرتاحاً أثناء سرقته، بل وكأنه يعلم بشكل مسبق أنه محصن من القبض عليه!
أحاديث وشهود
يحدثنا «محمد»، أحد الأشخاص الذين تعرضوا لمثل هذه السرقات، قائلاً:
«أول ما رجعنا ع داريا عفنا حالنا من سوء الخدمات، لا كهربا ولا مي ولا...، وازا بدك تعبي صهريج مي حقو هديك الحسبة، آخر شي قررنا نركب طاقة شمسية، أمي باعت قطعة دهب مخبيتها لوقت العوزة، وأنا بحكم أني المعيل الوحيد للعيلة استدنت ع حساب شغلي، وركبنا طاقة شمسية، وما لحقنا نفرح فيها شهرين تلاتة إلا كانت مسروقة.. ويلي بيقهر انو انسرقنا بأول يوم رمضان، قسماً بالله رمضان هالسنة أجا عليّ متل السرطان.. الله يفرجها أحسن شي».
ويحدثنا «أبو حسين»، أحد المفقرين والمعدمين كلياً، العاجزين مادياً أمام حلول الطاقة الشمسية والاستفادة منها، عن سرقة محولة الكهرباء المخصصة لحارتهم، قائلاً:
«هالمخفر يلي عنا شغلته بس يعمل ضبط لهوية ضايعة أو لجوال مسروق.. غير هيك يحرم عليه يفيدنا بشي.. لكان معقول تنسرق محولة كهربا من الحارة هيك بكل سهولة!؟ لك كانت تجي الكهربا ساعة الصبح وساعة المسا.. يعني ماشي الحال منلحق نشحن بطارية اللدات.. ومنلحق نشحن هواتفنا شوي.. يعني مندبر أمورنا بالتدفيش.. اجو ولاد الحرام وسرقوا المحولة تبع الحارة.. وصرلنا أسبوع ما عم نشوف الكهربا ابدا.. وأنا مو قدرتي ركب طاقة شمسية.. الله وكيلك راتبي 400 ألف ليرة بالشهر، وساعات شغلي طويلة.. ويا دوب ملحق الخبز لعيلتي.. شو رأيك؟!».
الخشية من استفحال الظاهرة وأخطار المواجهة الفردية!
القصص أعلاه تمثل غيض من فيض ما يعانيه أهالي المدينة نتيجة انتشار ظاهرة السرقة بشكل كبير، مع خشيتهم المشروعة من زيادتها، خاصة وأن حلول المواجهة الفردية من قبل المواطنين لمثل هذه الحالات محفوفة بالمخاطر!
فالسارق عند مواجهته قد يتحول إلى مجرم بسهولة مستخدماً ما لديه من أسلحة للفرار بما سرقه، سواء كانت أسلحة بيضاء أو أسلحة نارية، وخاصة مع ظاهرة تفلت السلاح، لتصبح النتيجة أسوأ وأكبر من نتيجة فعل السرقة نفسه، وبالتالي، فإن هذه المشكلة تبدو عصية على الحل في ظل انعدام دور جهاز الدولة بشكل شبه كلي بهذا السياق!
فدور جهاز الشرطة والأجهزة الأمنية في البلدة يبدو مغيباً، بدليل استمرار مثل هذه الحوادث، بل وزيادتها وكبر حجم المسروقات ونوعيتها!
التعميم الجائز!
تجدر الإشارة إلى أن بعض السرقات لا يمكن أن تبوب ضمن الحالات الفردية، بل تقوم بها شبكات متعاونة فيما بينها، سرقة وتغطية وتسويقاً للمسروقات، أو إعادة لتدوير بعض مكوناتها، والحديث هنا عن النحاس وعمليات «التنحيس» بشكل خاص ومحدد، والتي توسعت أعمال شبكاتها العاملة لتطال أكبال الكهرباء على الأعمدة والأبراج الكهربائية!
فقد تم تسجيل الكثير من حوادث السرقة الشبيهة خلال السنوات الماضية، في الكثير من المناطق والمدن والبلدات، لتدرج ضمن السرقات والتعديات على شبكة الكهرباء العامة، ولتستمر هذه الشبكات في عملها دون أن تطالها يد القانون وعقوباته عبر أجهزة الدولة المعنية والمسؤولة!
فبأحسن الأحوال كان يتم الإعلان عن إلقاء القبض على أحدهم، دون الوصول إلى الشبكة التي يعمل من خلالها، والمدارة بحرفية لمصلحة كبار القائمين عليها والمستفيدين منها، والمستمرة في عملها حتى الآن!
الحلول الممكنة بحال توفر النية!
يرى أهالي مدينة داريا، الذين ضاقوا ذرعاً من زيادة واستفحال ظاهرة السرقة في البلدة، وخشيتهم المبررة والمشروعة من استمرارها بنتائجها السلبية على معاشهم وخدماتهم وحياتهم، أن بعض الحلول ليست مستحيلة، أو صعبة التطبيق، في حال توفرت النية للحد من بعض الظواهر السلبية في بلدتهم، وخاصة ظاهرة السرقة!
فعلى الأقل من الممكن القيام بالتالي:
أن يتم السعي الجدي من أجل إنارة شوارع وطرقات المدينة خلال ساعات الليل، سواء عبر شبكة الكهرباء الرسمية إعفاءً من التقنين، أو من خلال الاستعانة ببدائل الطاقة الشمسية.
تفعيل دور جهاز الشرطة، بالتعاون مع بقية الأجهزة الأمنية في المدينة، من خلال القيام بالجولات والدوريات التفقدية، وخاصة خلال ساعات الليل.
لكن لا هذه ولا تلك من الأولويات، لا بالنسبة لمسؤولي المدينة المباشرين (بلدية- شرطة- محافظة الريف)، ولا بالنسبة للمسؤولين الحكوميين من المستوى الأعلى (وزارة الداخلية- وزارة الإدارة المحلية- وزارة الكهرباء) أي الحكومة ككل!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1115