الموت أرحم من المرض.. فالأدوية طبقية أيضاً.!
لم يطل انتظار أصحاب معامل الأدوية وأصحاب مستودعاتها لتحقيق مطلبهم بزيادة أسعار الأدوية، فقد تم التجاوب مع هذا المطلب، وجرى رفع أسعار الأدوية بنسبة تراوحت بين 50-100%.
مع العلم أن النشرة السعرية السابقة كانت قد صدرت منتصف شهر كانون الأول الماضي، لكن تغيير سعر الصرف الرسمي، من 3020 ليرة إلى 4543 ليرة، كان المبرر والذريعة الجديدة التي تم الاتكاء عليها لطلب الزيادة السعرية من قبل معامل الأدوية ومستودعاتها عبر المجلس العلمي للصناعات الدوائية.
فقد أكد رئيس فرع نقابة صيادلة دمشق أن «معظم الأصناف الدوائية ارتفعت نسبتها ما بين 50 إلى 100%، مشيراً إلى أن الكابسول والتابليت ارتفعت 65%، أما الكريمات والمراهم فارتفعت أسعارها بنسبة 75%، في حين الشرابات والملعقات ارتفعت بنسبة 80%، فيما ارتفعت الأدوية العقيمة مثل الأمبولات والسيالت وقطرات العين 100%»، وذلك بحسب ما تم نقله عبر صحيفة الوطن بتاريخ 18/1/2023.
المرضى المزمنون والمتقاعدون
لن نخوض في مبررات طلب الزيادة السعرية، ونسبتها، ومشروعيتها من عدمه، بل ما يجب التوقف عنده هو مآل وحال المرضى في ظل صعوبات حصولهم على الدواء بسبب استمرار مسلسل ارتفاع الأسعار غير المنتهي!
والحديث هنا يصبح أكثر سوداوية بأشواط بما يخص المرضى المزمنين (سكري- قلب...)، وخاصة المتقاعدين منهم، والأسوأ والأكثر كارثية هم مرضى السرطانات والأمراض المناعية!
فهذه النسبة في زيادة سعر الدواء بالنسبة لهؤلاء يعني أن من كان يضطر لدفع فاتورة أدوية شهرية تتراوح بين 50-100 ألف ليرة، ستصبح هذه الفاتورة بين 75-150 ألف ليرة شهرياً، هذا بالنسبة للمرضى المزمنين، أما بالنسبة لمرضى السرطانات والمناعة فالحديث عن فاتورة علاجهم سلفاً تعتبر كارثية وفوق طاقتهم!
وهذه الفاتورة الشهرية للأدوية لا تغني طبعاً عن مراجعة الطبيب المعالج بين الحين والآخر، أي فاتورة إضافية اضطرارية ستكون فوق قدرة تحمل هؤلاء المالية من كل بد!
فماذا عن بقية ضرورات الحياة الأخرى، إن بقي لهؤلاء حياة في ظل نمط اللامبالاة الرسمية تجاههم وتجاه ضروراتهم وتجاه صحتهم!
المعيشة والضرورات من منسيات الحكومة
فالحكومة وجهاتها التابعة تمارس صلاحياتها بما يخص مطالب الفعاليات الاقتصادية في البلاد على مستوى تعديلات الأسعار كلّما اقتضت الضرورة لذلك، وأحياناً بلا ضرورة!
أما ما يتعلق بمعيشة المواطنين، وخاصة الغالبية المفقرة وأصحاب الأجور الهزيلة، وما يتعلق بمطالبهم على مستوى تحسين المستوى المعيشي وزيادة الأجور، فلا أذن سمعت ولا عين رأت رسمياً!
فمع التراجع الصحي العام للمواطنين، بسبب تراجع معدلات التغذية ودرجات الفقر المتزايدة كنتيجة طبيعية لتراجع المستويات المعيشية والخدمية في البلاد، وفي ظل استمرار سياسات الإفقار والتهميش، فإن المرض، أي مرض، أصبح يمثل حالة كارثية بالنسبة للغالبية المفقرة، مع كل استهتار رسمي حيال ذلك!
الموت أرحم!
باتت إمكانية الاستشفاء بالنسبة للغالبية المفقرة مكلفة جداً، وخاصة للمرضى المزمنين وأصحاب الأمراض الخطرة، وأخص الخاص في ذلك المتقاعدون من هؤلاء، ليس بما يخص اللجوء إلى المشافي أو العيادات (العامة أو الخاصة)، بل حتى على مستوى اللجوء إلى الصيدلاني للاستفادة من خبرته بوصف دواء ما لحالهم الصحي، كما درجت عليه العادة بالنسبة لهؤلاء، وخاصة خلال السنوات الأخيرة!
فالأدوية بأسعارها المرتفعة أصبحت طبقية أيضاً، وفقط المقتدرون يمكنهم الحصول عليها، أما البقية الباقية من المفقرين فلهم فقرهم وجوعهم ومرضهم، بانتظار القضاء والقدر ليأخذ أمانته!
وهذا البؤس الكارثي من تلك السياسات الطبقية الظالمة، فالموت بالنسبة لهؤلاء بات أرحم من مرضهم، بل بات بعضهم يطلب أن يأتيه مسرعاً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1106