بالمرونة يتم التهرب من استحقاق تغيير السياسات!
سوسن عجيب سوسن عجيب

بالمرونة يتم التهرب من استحقاق تغيير السياسات!

يجري الحديث الرسمي عن رفع سن التقاعد للعاملين في الدولة إلى سن 65 سنة، فبحسب وزيرة التنمية الإدارية نقلاً عن بعض وسائل الإعلام: «بالنسبة لرفع سن التقاعد إلى 65 سنة هناك لجنة في التنمية البشرية درست الموضوع ووصلنا إلى 75 سنة في سن التقاعد لأستاذ الجامعة، ونال ذلك موافقة رئاسة مجلس الوزراء، وهذه الخطوة هي بداية الطريق في المرونة، وأشارت إلى أن لجنة التنمية البشرية تسعى إلى استهداف الشرائح الفنية في هذا الجانب بشكل أكبر».

من الواضح أن المقصود في مفردة «المرونة» أعلاه هو التمسك بالسياسات الحكومية التي تفرز كل يوم المزيد من المآسي والبؤس المعمم ليس إلا!

التقاعد بسن الـ70 عاماً نهب مزدوج

فبعد الإعلان عن رفع سن التقاعد لأعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات الحكومية إلى سقف يصل إلى حدود 80 سنة، التفافاً على سوء السياسات الأجرية وسياسات التعيين وغيرها من السياسات المرتبطة بهذا الشأن، وتغطية على نتائجها السلبية التي طالت تفاصيل الحياة والمعاش والخدمات، اقتضت نفس المرونة على ما يبدو برفع سن التقاعد للعاملين في الدولة إلى سن 65 عاماً، مع تمديد إضافي سنة بسنة لمدة 5 سنوات إضافية كما هو الحال لأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات، وصولاً إلى سن الـ70 عاماً، أيضاً للالتفاف على السياسات الأجرية الظالمة والطاردة للعمالة، وسياسات التعيين الأكثر بؤساً وفساداً!
فإطالة مدة خدمة بعض العاملين في الدولة إلى سن الـ70 عاماً على حساب ما تبقى من أعمار هؤلاء، وعلى حساب سني تقاعدهم التي من المفترض أن تعني لهم الراحة بعد عناء خدماتهم الطويلة، هو نهب مقونن لهذه الأعمار بداية، ونهب مقونن لما يمكن اعتباره راتباً تقاعدياً مستحقاً لهم عن 10 سنوات أيضاً.
وطبعاً كل ذلك بسبب النزف الجاري على العمالة في القطاع الحكومي، والسبب الرئيسي في ذلك هي السياسات الأجرية الطاردة وغير المستقطبة للعمالة، تليها سياسات التعيين وأوجه الفساد والمحسوبية والولاء الطاغية عليها، مع عدم التقليل من أهمية بقية السياسات الظالمة طبعاً.

مزيد من الالتفاف المرن

خلال ورشة العمل التي أقامها الاتحاد العام لنقابات العمال بالتنسيق مع المرصد العمالي للدراسات حول تنظيم سوق العمل (المحددات الجديدة والتحديات التي تواجهه)، كشفت وزيرة التنمية الإدارية عن جملة من المشاريع الترقيعية تهرباً من استحقاقات تغيير السياسات الظالمة والمعممة أيضاً.
فهناك نظام حوافز جديد سيصدر، وهناك مشروع قانون الخدمة العامة الذي سيطرح للنقاش قريباً، كتعديل على القانون الأساسي للعاملين في الدولة.
وكذلك أعلن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل عن إعداد مشروع لتعديل قانون العمل، وهو قيد الدراسة تمهيداً لإصداره.
إن جملة المشاريع القانونية المعلن عنها أعلاه ما هي إلا حلول ترقيعية ثانوية للتهرب من استحقاقات التغيير على جملة السياسات كسبب رئيسي لكافة المشكلات والصعوبات التي يعاني منها واقع العمل والواقع الاقتصادي والمعيشي والخدمي العام.
فالعمل الترقيعي الحكومي هو النمط السائد في معالجة المشكلات والأزمات، دون حلها بشكل نهائي، والمرونة التي يتم التغني بها الآن هي نفسها الغائبة عند النظر إلى السياسات كأسباب للأزمات المستعصية، وهي نفسها الغلاف الذي يغطي على كل موبقات النهب والفساد والاستغلال كنتيجة لهذه السياسات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1087
آخر تعديل على الأربعاء, 14 أيلول/سبتمبر 2022 17:57