«كوليرا».. لكنها لا تستدعي ناقوس خطر!
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

«كوليرا».. لكنها لا تستدعي ناقوس خطر!

كثرت الأحاديث والتغطيات الإعلامية عن تسجيل حالات الإصابة بمرض الكوليرا خلال الأسبوع الماضي، في حلب وفي بعض المناطق خارج سيطرة الدولة.

وقد اقتصر بيان وزارة الصحة الرسمي على معلومات عن رصد حالة «اشتباه كوليرا» في محافظة حلب لطفل 9 سنوات وكانت الأعراض إسهال حاد مترافق بإقياء متكرر.

18 إصابة مسجلة رسمياً

وقد أردف بيان وزارة الصحة الرسمي أنه: «تم تخريج الطفل بعد ٦ أيام بحالة صحية عامة طبيعية ومستقرة بعد إعطاء العلاج اللازم.. وفي الفترة ذاتها سجلت قبولات بعض المشافي في محافظة حلب زيادة في أعداد المراجعين بشكاية اضطرابات هضمية وبعد إجراء التحليل لعدد من الحالات المشتبهة جاءت بعض النتائج إيجابية فتم على الفور اتخاذ الإجراءات المناسبة العلاجية والوقائية.. بعد ما سبق تكون حصيلة العينات والتحاليل التي ثبتت إيجابيتها: ١٥ حالة إيجابية «مريض قيد العلاج في المشفى»- ١ عينة إيجابية «صرف صحي» - ١ عينة إيجابية «من معمل لصنع مكعبات الثلج» تم إغلاقه على الفور».
وبناء عليه فإن المجموع المصاب بالكوليرا، والمسجل كحالة إيجابية في محافظة حلب لوحدها، كان 18 إصابة معترف بها رسمياً من قبل وزارة الصحة!
فهل هذا الرقم قليل، أم إن الغاية التغطية على كوارث الواقع المتردي على المستوى الصحي والمعيشي والخدمي و.. التي يدفع ضريبتها الغالبية المفقرة والمهمشة في البلد، وعلى حساب حياتها؟!

تغطيات إعلامية

في التغطيات الإعلامية للموضوع فقد أكد كل من مدير مشفى المواساة ومدير مشفى المجتهد في دمشق أنه لا توجد أية حالات إصابة بالكوليرا راجعت المشافي، وكذلك أكد مدير صحة دير الزور.
على الطرف المقابل، وفي تصريح منقول عبر أحد المواقع الإعلامية المحلية عن الدكتور مضر نيازي اختصاصي أمراض الداخلية في حلب، فقد أكد أنه «منذ أكثر من أسبوعين زاد عدد الحالات التي تراجع عيادته في حلب بشكوى نزلة معوية من مختلف الأعمار وهي شائعة في مثل هذا الوقت من السنة، ولكن بعض الحالات كانت وصفية للإصابة بالكوليرا، موضحاً أنه يجري تحويل المتوسطة والشديدة منها إلى المشافي لتلقي العلاج المناسب لأنها بحاجة دخول مشفى كون الأعراض إسهال شديد مترافق مع إقياء».
وفي المناطق خارج سيطرة الدولة فقد أعلنت «الإدارة الذاتية» عن تفشي مرض الكوليرا، في المناطق التي تسيطر عليها شمال شرقي سورية بأرياف دير الزور والرقة، وبحسب المتداول عبر وسائل الاعلام فقد تم تسجيل ثلاثة وفيات بهذا المرض، وقد طلبت المساعدة من منظمة الصحة العالمية.

المخاطر القائمة

مع التأكيد على أهمية ما ورد في بيان وزارة الصحة بخصوص اتباع الإجراءات والسلوكيات الخاصة بالصحة العامة من قبل المواطنين، إلا أن الرصد المبين أعلاه عن عدد الحالات المصابة والمسجلة رسمياً في حلب قد يكون مؤشراً غير كافٍ لاعتبار المخاطر المحتملة من المرض ضئيلة، خاصة إذا علمنا أن أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم، لا تظهر لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وذلك بحسب بيان وزارة الصحة.
فواقع القطاع الصحي المتردي، بالتوازي مع الواقع المعيشي الأكثر تردياً والذي ينعكس سلباً على صحة المواطنين ومستوى مناعتهم، ومع التراجع المطرد في الخدمات العامة، وخاصة شبكات المياه وشبكات الصرف الصحي، والاضطرار لشراء مياه الشرب ومياه الاستخدامات المنزلية الأخرى من مصادر غير موثوقة في الكثير من البلدات والمناطق اضطراراً، كل ذلك يعتبر تجاوزاً لكل الإجراءات والسلوكيات التي تم إيرادها في بيان وزارة الصحة، وبالتالي هي نفسها تعتبر عوامل خطورة قائمة ومستمرة!
على ذلك فإن الأمر لا يقتصر على إجراءات الترصد الوبائي من قبل وزارة الصحة على أهميته، بل الأهم هو الحد من، أو إنهاء، عوامل ومسببات الأمراض وانتشارها عموماً، وبالأخص تلك الموسومة بالأمراض الوبائية الخطرة!
فناقوس الخطر على المستوى الصحي من المفترض أن يقرع على مستوى أقل الأمراض خطورة في ظل مفردات الواقع الحالي المعاش ومفرزاته ونتائجه، فكيف الحال مع الأمراض الخطرة والوبائية؟ وأين الحكومة من كل ذلك؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1087
آخر تعديل على الأربعاء, 14 أيلول/سبتمبر 2022 17:58