معاهد التعليم التقاني مصدر ربح واستغلال جديد!

معاهد التعليم التقاني مصدر ربح واستغلال جديد!

سبق وأن صدر القانون رقم 38 لعام 2021، الذي يهدف بحسب تسميته إلى: «تنظيم مسار التعليم الثانوي المهني وتأمين كوادر عاملة تلبي احتياجات سوق العمل من مختلف المهن»، وفي المضمون فقد تم تحويل الثانويات المهنية من مدارس تعدّ المهنيين وتدربهم لتخرجهم إلى سوق العمل بنجاح- إلى مراكز إنتاج لخدمة السوق وأصحاب الأرباح، استغلالاً لجهود الطلاب وأوقاتهم وتحصيلهم العلمي، ضاربة بمصلحتهم عرض الحائط!

ولم تكد تمر على صدور هذا القانون بضعة أشهر، ولم تعرف مدى إيجابيات هذه التجربة من سلبياتها على أرض الواقع، حتى بدأت مساعي تعميمها، وهذه المرة على المعاهد التقانية التابعة لوزارة التعليم العالي، كي تحولها هي الأخرى إلى مراكز إنتاج لخدمة حيتان السوق أيضاً.

أرشفة للتذكير

أشرنا سابقاً، وقبل صدور القانون أعلاه، من خلال مادة بعنوان: «بقوة القانون.. التعليم المهني لخدمة حيتان السوق أيضاً»، وذلك بتاريخ 20/12/2021، إلى بعض النتائج السلبية على حساب الطلاب والعملية التعليمية.
ومما ورد في المادة ما يلي: «من الواضح أن الغاية من القانون هي فسح المجال أمام قطاع الأعمال الخاص ليجني مزيداً من الأرباح من خلال استغلال إمكانات الثانويات المهنية، وجهود وعمل طلابها على وجه الخصوص، أي مزيد من الاستغلال والنهب والفساد، ومزيد من العبث في قطاعات الدولة المختلفة، ومنها التربوية والتعليمية، على حساب الطلاب والعاملين فيها.. وبكل اختصار لا يمكن اعتبار مضمون القانون إلا لبنة جديدة في مدماك السياسات الليبرالية المعمول بها، والمعممة على كافة القطاعات، وستكون نتيجته المزيد من التشوه في العملية التعليمية، مدخلاتٍ ومخرجاتٍ، طبعاً بما يصب بمصلحة المستفيدين من هذه السياسات، طغمة حيتان المال والفساد والإفساد في البلد، على حساب بقية الشرائح الاجتماعية، والمصلحة الوطنية».

خطوة متسرعة

كشف وزير التعليم العالي د. بسام إبراهيم لبرنامج المختار عبر إذاعة المدينة إف إم بتاريخ 5/4/2022، عن: «رفع مشروعين إلى الرئاسة بعد موافقة مجلس الوزراء عليهما، وهما تعويض طبيعة عمل للكوادر الإدارية العاملة في التعليم التقاني، وآخر للمدرسين العاملين في المعاهد التقانية، بالإضافة إلى تحويل المعاهد التقانية المرتبطة بالمجلس الأعلى للتعليم التقاني إلى مراكز إنتاجية عبر بيع المنتجات والحصول على مردود مالي».
فلماذا السرعة والتسرع من قبل وزارة التعليم العالي قبل سبر ومعرفة حقيقة النتائج المتوخاة من القانون الصادر الخاص بالثانويات المهنية، استناداً للتجربة والخبرات العملية والعلمية نتيجة تطبيقه ووضعه بالتنفيذ؟
فمما لا شك فيه، على ضوء صدور القانون أعلاه، أن التجربة الخاصة بالثانويات المهنية لم تتضح ملامحها بعد، برغم وضوح نتائجها السلبية بحسب مضمونه، فكيف تتخذ الحكومة خطوة مماثلة لها بهذا الشكل؟
ربما لا غرابة في الأمر، طالما كانت الغاية هي، وبكل وضوح: «بيع المنتجات والحصول على مردود مالي»، أي طالما هذه الخطوة تحقق مزيداً من فرص الربح لمصالح حيتان السوق والفساد، الذين لا يرون إلا مصالحهم، ولا ينظرون إلى أي قرار أو مشروع إلا من خلال أعينهم الناظرة إلى ما تبقى من رمق الأجيال، وقوة عملهم، وما في جيوبهم، لتصب في بطونهم ولا بطون أحد سواهم!

في خدمة حيتان السوق

بناء على ما تقدم من الممكن استنتاج، إن مخرجات التعليم المهني والتقاني، سواء التابع لوزارة التربية أو لوزارة التعليم العالي، قد أصبحت لخدمة السوق والمتحكمين فيه على حساب العملية التعليمية نفسها، وأكتر من ذلك فقد أصبحت البنية التحتية في المدارس المهنية وفي المعاهد التقانية (أبنية ومنشآت ولوازم وأدوات إنتاج ومعلمين وطلاب وكادرات إدارية) عامل استثمار واستغلال من قبل البعض المحظي من حيتان السوق بالنتيجة، ناهيك عما يفرزه كل ذلك من بوابات فساد وإفساد!
والضحية الأهم بالنتيجة هو الطالب، على حساب جهده وعمله والساعات المخصصة لتزويده بالعلوم والمهارات التعليمية، حسب ما هو مفترض!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1067