قطاع الدواجن نحو المزيد من الانهيار
نادين عيد نادين عيد

قطاع الدواجن نحو المزيد من الانهيار

كشفت المؤسسة العامة للدواجن- من خلال مذكرة تفصيلية هامة تقدمت بها إلى الحكومة تم تداولها عبر بعض وسائل الإعلام- عن حجم الاهتراء والتراجع الذي شهده هذا القطاع.

وقد طالبت المؤسسة من خلال مذكرتها بتمويل كافة احتياجاتها بمبلغ مالي قدره 38 مليار ل. س، وذلك لإعادة النهوض بدورها كقطاع إنتاجي رائد على مستوى البلاد، يساهم بتحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة لدورها الاجتماعي في تأمين فرص العمل.

صعوبات ومعيقات

تم التركيز في المذكرة على بعض الصعوبات، ومنها:
رأسمال المؤسسة المحدد بـ 3 مليارات ليرة منذ عام ٢٠١٠ لا يتناسب مع القيمة الحقيقة لممتلكات وأصول هذه المنشآت بالوقت الراهن.
أغلب مُدخلات تربية الدواجن مستوردة وبالعملة الأجنبية في حين مخرجاتها بالعملة المحلية وتتأثر بسعر الصرف اليومي.
ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وخاصة المواد العلفية المستوردة والتفاوت في أسعارها باليوم نفسه بسبب تغيرات سعر الصرف اليومية.
قِدم الآلات والتجهيزات في أغلب منشآت المؤسسة، والتي تجاوز عمرها الاقتصادي أكثر من 40 عاماً.
نقص باليد العاملة والفنية بالمنشآت.
نقص بالآليات اللازمة للعملية الإنتاجية وقِدم الموجود منها، وارتفاع أجور وتكاليف الصيانة اللازمة لها.
ارتفاع أجور النقل بين المحافظات.
الانقطاعات الطويلة والمتكررة للتيار الكهربائي، وعدم توافر مادة المازوت لتشغيل المولدات والنقل بين المحافظات.
عدم تماشي النشرات التموينية الصادرة عن مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك مع ارتفاع تكاليف الإنتاج.
توقف منافذ التصدير الخارجية.
ضعف القوة الشرائية ينعكس سلباً على أسعار منتجات الدواجن محلياً.

مطالب ملحة تخص العديد من الوزارات

لقد تركزت مطالب المؤسسة بحسب مذكرتها حول التالي:
رصد الاعتمادات وتأمين التمويل اللازم لتنفيذ والقيام بالأعمال المادية لتطوير المؤسسة واستثمار الطاقات الإنتاجية الكاملة.
تأهيل منشآت الدواجن العاملة حالياً، وإعطاء الأولوية لإعادة تأهيل المنشآت العاملة بهدف رفع الطاقة الإنتاجية بشكل فوري.
تحسين معدلات الأداء الفني، وتخفيف العجز الحاصل نتيجة قِدم الآلات والتجهيزات.
الحاجة إلى مبلغ وقدره 14 مليار ليرة، منها 10 مليارات ليرة لتأهيل المنشآت العاملة، و4 مليارات ليرة لتأهيل مسلخ (الزبلطاني).
تأمين مخزون علفي لتغطية حاجة القطعان من الذرة والصويا لمدة خمسة أشهر يتطلب حوالي 35 مليار ليرة.
رصد اعتماد 600 ألف دولار كقطع أجنبي لاستيراد قطعان أمات بياض لمنشأتي صيدنايا وحمص، وقطيع جدات الفروج، والتي تساهم في تأمين صيصان تربية البياض للمربين بالقطاع العام والخاص للعام (2023- 2022).
إصدار نشرات الأسعار التموينية (البيض والفروج) بالاعتماد على التكاليف الحقيقية لوحدة المنتج، وتحقيق التوازن ما بين المنتج والمستهلك.
شراء وتخزين فائض منتجات المؤسسة العامة للدواجن من قبل المؤسسة السورية للتجارة لتحقيق التوازن بين حجم الإنتاج والاستهلاك المحلي.
المساعدة بتركيب خط كهربائي خارج التقنين أسوة بالمناطق الصناعية، إذ إن منشآت المؤسسة تعاني من الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وارتفاع تكاليف تشغيل المولدات بمادة المازوت وصعوبة توافره، علماً أن المؤسسة جاهزة لدفع التكاليف المترتبة عليها.
إعطاء الأولوية لمنشآت المؤسسة في تأمين حوامل الطاقة (المازوت– الفحم الحجري) على مدار العام، لاستمرار العملية الإنتاجية وتأمين حاجة السوق المحلية والعقود المبرمة.
فتح سقف نظام الحوافز بما يتناسب مع الأجور ونسب التنفيذ في خطوط الإنتاج وإعطاء حافز لمن يتجاوز الخطة الإنتاجية ضمن مركز تطوير الإدارة والإنتاجية.
إيجاد الحلول اللازمة للتشابكات المالية الحاصلة مع إدارة التعيينات العسكرية.

الحلول الإسعافية أقل من خجولة!

رداً على المذكرة التفصيلية ومطالبها الواردة أعلاه، فقد وافق مجلس الوزراء على منح سلفة مالية قدرها مليار ليرة للمؤسسة، وذلك لتأمين المواد العلفية، وزيادة الإنتاج من مادتي البيض والفروج.
لا شك أن هذا المبلغ المخصص كسلفة، مقارنةً بمطالب المؤسسة، يعتبر أقل من أن يسمى حلاً إسعافياً، فما تعانيه المؤسسة من صعوبات، وما تضمنته مذكرتها من مطالب، لا تتناسب مع هذا المبلغ لا من قريب ولا من بعيد، بل إنه لا يغطي حاجة القطعان من الذرة والصويا لمدة شهر واحد، فكيف بزيادة الإنتاج من مادتي البيض والفروج!

المداجن الخاصة أسوأ

إن كان هذا حال المؤسسة العامة للدواجن، التي من المفترض أنها قطاع إنتاجي هام ورائد على مستوى البلد، وما لها من دور تنموي بتشجيع تربية الدواجن وملحقاتها وتأمين صيصان التربية للمربين بالقطاع الخاص، فليس من المستغرب خروج غالبية صغار ومتوسطي مربي الدواجن من عملية الإنتاج، فذلك يعد نتيجة طبيعية، سببها سياسات رفع الدعم المتتالية عن جزء هام من مستلزمات الإنتاج، كالكهرباء والمحروقات، الحاملين الأساسيين لإنجاح أية عملية إنتاجية، بالإضافة إلى الاعتماد على استيراد المواد العلفية بالقطع الأجنبي (العلف يكلف 80% من إجمالي تكاليف تربية الفروج) بدلاً من وضع خطط لإنتاجها محلياً، وتخلّي مؤسسة الأعلاف عن دورها في استيراد المواد العلفية لصالح قلة ناهبة متحكمة بمفاصل الاستيراد والبيع والتوزيع والتسعير.

المزيد من التراجع

كل تلك الأسباب مجتمعة- مع النمط الحكومي الخجول، إن لم نقل اللامبالي، في معالجة الأسباب وإيجاد الحلول- أدت إلى انخفاض عمل قطاع الدواجن بنسبة أكثر من 20% من طاقته السابقة، وإن هذا التراجع لا ينحصر بأسباب الحصار الاقتصادي والعقوبات كما يُروج له، بل بالطريقة التي تم وفقها التعامل مع تلك العقوبات والحصار، وخاصة على مستوى الأعلاف وحوامل الطاقة، أضف إلى ذلك جملة السياسات التي أدت إلى تراجع القطاعات الإنتاجية عموماً، بما يتناسب مع مصالح الفساد الكبير المتحكم بمفاصل الدولة، والتي أدت إلى تراجع دور الدولة الاقتصادي– الاجتماعي، وانفلات السوق بيد القلة الناهبة التي تتحكم بعمليات الاستيراد والتصدير والتسويق والتوزيع والبيع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1067