تبني وصفات صندوق النقد الدولي بملء الإرادة

تبني وصفات صندوق النقد الدولي بملء الإرادة

(تحرير سعر الصرف- تحرير التجارة وحركة البضائع- تحرير الأسعار- خصخصة قطاع الدولة وإنهائه- اعتماد سياسات اقتصادية تقشفية- خفض الإنفاق العام- إلغاء الدعم بكل أشكاله- إلغاء برامج الرعاية والحماية الاجتماعية- تخفيض الأجور للحد الأقصى- تقليص الوظائف العامة...).

تلك بعض وصفات «ونصائح» صندوق النقد الدولي سيئة الصيت، لإعادة هيكلة اقتصادات الدول بما يتوافق مع النموذج الاقتصادي الليبرالي المعولم، المتحكم به دولياً من قبل المركز الرأسمالي الغربي، الأمريكي خصوصاً، والتي تصبح شروطه ملزمة، ومراقبة ومتابعة ومضبوطة بإحكام، كلّاً أو جزءاً، دفعة واحدة أو على مراحل، عند الاقتراض منه، بغاية السيطرة على الدول والتحكم بها وبمصائرها، أي فقدانها جزءاً من سيادتها.
وقد تعرضت الدول التي التزمت بالوصفات والشروط أعلاه إلى كوارث سياسية واقتصادية واجتماعية، كان لها الكثير من الانعكاسات السلبية العميقة على كافة المستويات، وخاصة على المستوى المعيشي والخدمي لمواطنيها، مع عدم التمكن من الخروج منها، بل شهد بعضها المزيد من الغرق بالكوارث الاقتصادية المستمرة وغير المنتهية.


سياسات وكوارث

الحكومات السورية المتعاقبة، التي تتغنى بعدم الاضطرار للاقتراض من صندوق النقد الدولي، وبالتالي بعدم التزامها تجاهه بأية شروط مفروضة على سورية، تبنت وبملء إرادتها، تنفيذ الوصفات أعلاه، تباعاً وبحذافيرها بنسب مختلفة، خلال العقود والسنوات الماضية وحتى الآن، والنتيجة، هي ما وصلنا إليه من كوارث وتداعيات سلبية عميقة، ليس على مستوى تفجر الأزمة الوطنية في عام 2011 فقط، كنتيجة متوقعة جراء المضي بالسياسات الليبرالية التي تم تبنيها وتطبيقها وتنفيذها تباعاً منذ مطلع الألفية الحالية، برغم كل التحذيرات منها ومن تداعياتها، بل مع استمرارها بنتائجها وتداعياتها الكارثية المستمرة بالتفاقم والتعمق على كافة المستويات حتى الآن.
فالأمثلة العملية على تبني وتنفيذ هذه الوصفات والشروط أصبحت أكثر من أن تعد، اعتباراً من سياسات تجميد الأجور، مروراً بتقليص الوظائف العامة، إلى سياسات تخفيض الدعم والسير قدماً نحو إنهائه بالتوازي مع سياسات تحرير الأسعار والتجارة، وليس انتهاءً بسياسات التقشف وخفض الإنفاق العام ومسيرة الخصخصة المبطنة والمعلنة، والقادم المتوقع لا شك أسوأ!


الترابط المصلحي والمصلحة الوطنية

إن تبني الوصفات أعلاه وتنفيذها، بالجملة وبالتقسيط، والمضي بالسياسات الليبرالية عموماً، وصولاً إلى مرحلة التوحش بأشكالها الملموسة والمعاشة يومياً، بشكل إرادوي ودون ضغوط تذكر، لا يعكس مقدار الترابط العضوي والمصلحي، وإن بشكل نسبي، بين القائمين على تنفيذ هذه السياسات والمستفيدين منها محلياً، مع القائمين على سياسات صندوق النقد الدولي في المركز الإمبريالي الغربي فقط، بل يعكس بالعمق أيضاً ما تمثله وما تؤمنه هذه السياسات والوصفات على مستوى ضمان استمرار مصالح القلة الثرية والناهبة والفاسدة في البلد، والمتحكمة به، على حساب مصالح الغالبية المفقرة والمهمشة، كما على حساب الاقتصاد الوطني، والمصلحة الوطنية عموماً، بل وحتى السيادة الوطنية.
إن ضرب مصالح قوى القلة الناهبة والفاسدة، بتقاطع مصالحها مع صندوق النقد، أو غيره من مؤسسات النهب والسيطرة الدولية الأخرى، يبدأ اعتباراً من تغيير جملة السياسات الليبرالية النهبوية المتوحشة، والعمل على إنهاء مفرزاتها وموبقاتها، فهذا بالإضافة لكونه يمثل مصلحة جدية للغالبية من السوريين، فهو كذلك يمثل مصلحة وطنية بامتياز، فلا حل للخروج من أزمتنا الوطنية العميقة والمستمرة إلّا عبر بوابة التغيير الجذري والعميق والشامل، وعبر تنفيذ القرار الدولي 2254 بحذافيره، والذي تعطله وتعيقه محلياً حتى الآن تلك القوى النهبوية المتمترسة خلف مصالحها وارتباطاتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1047
آخر تعديل على الثلاثاء, 07 كانون1/ديسمبر 2021 20:24