الخط البياني للبيض والذين يبيضون علينا
سأل التلاميذ أستاذهم بعد نهاية الدرس: هل يوجد من يبيض علينا؟ فقال الأستاذ بكل ثقة: نعم يوجد. وشرح لهم الأستاذ كيف يحدث ذلك!
في بداية هذا القرن، كان سعر صحن البيض يتراوح بين 35 ليرة سورية حتى 45 ليرة سورية. أي أقل من دولار واحد. واليوم يتراوح سعر صحن البيض في السوق بين 10 آلاف حتى 11 ألف ليرة سورية. أي ثلاثة دولارات ونصف تقريباً.
أين ذهب كل هذا الفرق في سعر البيض؟ وكيف حدثت هذه الفجوة أصلاً؟ ومن كسر القدرة الشرائية للناس؟
هل جاءت صحون فضائية هوليودية وشفطت بيض البلاد؟ أم هناك من يبيض علينا وعوداً، ويفعل عكسها، ويقضم كميات البيض في الأسواق قبل وصولها إلينا؟
خلال عشرين سنة مضت، قضمت سياسات الذين يبيضون علينا من القدرة الشرائية وقيمة الأجور، وأغرقت الناس في قانون السوق الذي هو أشبه بقانون الغاب، وشفطت الارتفاعات المتتالية للأسعار، والتلاعبات الدورية بلقمة الناس، هذا الفارق وغيره من الفوارق المشفوطة.
ويبدو لنا وكأن هناك صيادون ينتظرون الفرصة المناسبة للانقضاض على لقمة الناس، للانقضاض على البيض وغيره، وفي كل فرصة يقضمون من هنا ويقضمون من هناك، ولا يوفرون أية فرصة لشفط المزيد أو يبيضون علينا ذهباً خلبياً مزيفاً.
ويروي هؤلاء الصيادين على أسماع السوريين قصص النعيم القادم منذ عقود! ولكنه بدا للناس ذهباً مزيفاً، أما الذهب الحقيقي فشفطه الصيادون.
لم تتوقف القضية هنا فقط، بل جرى شفط الوجبة الغذائية اليومية للعمال (بيضة مع كأس حليب)، كما يجرى شفط ما يقال عنه «دعم» على رغيف الخبز والسكر والرز، مع قضم الدعم على الخدمات من (كهرباء وطبابة وتعليم و..) وخسرت الأجور قدرتها الشرائية وقيمتها، وأضافت كل هذه العوامل للخسارة الواحدة خسارات عديدة. وشهدت البلاد ارتفاعاً في عدد الأسر التي غاب البيض وغيره- من أساسيات الغذاء- عن مائدتهم قسراً، مرة شفطاً في الأجور غير القادرة على شراء البيض، ومرة أخرى رفعاً في أسعار البيض وكل الغذائيات الأخرى.
فالذين يبيضون علينا من هؤلاء الصيادين لم ولن يتركوا شيئاً لبقيتنا من المفقرين، فلا صحون فضائية ولا هوليوديين في الأمر، فالسوق وسياساته المتوحشة تعمل العجب العجاب على أيدي هؤلاء بحق البلاد والعباد.
بقي أن نشير أن التلاميذ لم يسألوا عن جهل، بل عن دراية العارف بالخفايا، كي يصطفوا بمواجهة الذين يبيضون علينا من الصيادين والشافطين أيضاً!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1039