موسم حرائق جديد.. هل من اختلاف عمّا سبقه؟
سمير علي سمير علي

موسم حرائق جديد.. هل من اختلاف عمّا سبقه؟

أتت الحرائق على مساحات متفرقة، لكنها واسعة، من الغابات والحراج والأراضي الزراعية، في المنطقة الساحلية وفي منطقة مصياف، خلال الأيام القليلة الماضية فقط، في استعادة لموسم الحرائق، الطبيعية والمفتعلة، والتي تعتبر هذه الفترة من كل عام (شهري آب وأيلول) ذروة له، حيث ترتفع مخاطر نشوب الحرائق وانتشارها طبيعياً، وتتسع رقعتها بشكل مفتعل كما كل موسم.

مجموعة من الحرائق المتفرقة تم تسجيلها خلال الأيام القليلة الماضية في مناطق مختلفة في كل من اللاذقية ومصياف، وقد اقترب بعضها إلى المناطق السكنية والبيوت، وكان أوسعها غربي مصياف في منطقة كفر لاها، والتي أعيد اشتعالها بعد السيطرة عليها وإخمادها من قبل عناصر الإطفاء والدفاع المدني والجيش!

حرائق موثقة

فيما يلي بعض الحرائق المسجلة (عددها بحدود 11 حريقاً) خلال مدة أسبوعين فقط تقريباً، والتي أتت على مساحات واسعة من الحراج والغابات والأراضي الزراعية، وصولاً إلى تخوم المناطق السكنية وبيوت المواطنين:
اندلعت الحرائق في الحراج الجبلية في موقع كفر لاها عين الخنزير في ريف مصياف بتاريخ 6/8/2021.
اندلاع حريق في جبال عين الدورة بمصياف، بنفس التاريخ أعلاه.
حريق ضخم نشب بمنطقة ستخيرس (اللاذقية) بمساحة تقدر بـ ٥٠ دونماً من الأراضي الحراجية وعدد من أراض أشجار الزيتون بتاريخ 5/8/2021.
الحريق الذي نشب بتاريخ 4/8/2021 في أراضي قرية الليثونية بريف الحفة.
بعض الحرائق المتفرقة في محافظة اللاذقية بتاريخ 28/7/2021 التي أتت على بعض الأراضي الزراعية بمساحة عدة دونمات (قرب كازية العادل في منطقة جبلة بمساحة 5500 م2- قرب جسر أبو برغل– منطقة جبلة بمساحة 4000 م2- في قرية البصة بمساحة 400م2- على طريق القصر بمساحة 1500 م2- في جب البير– منطقة القرداحة بمساحة 2500 م2- في قرية طرجانو – منطقة الحفة بمساحة حوالي 50 دونم- في قرية بكراما– منطقة القرداحة بمساحة 500 م2).

مئات الدونمات بفعل فاعل

بَيّن رئيس مركز حماية الغابات في مصياف، مدين العلي، عبر الوطن أونلاين بتاريخ 6/8/2021 أن: «فرق الإطفاء تراقب حالياً الحريق الذي تجدد نشوبه غربي مصياف». وأكد أن: «الحريق أضرم مجدداً بفعل فاعل وقال: أنا على ثقة من ذلك، لأننا كنا قد سيطرنا عند السادسة من صباح اليوم على الحريق سيطرة تامة».
وبحسب رئيس مركز حماية الغابات في مصياف: إن «النيران التي اشتعلت مجدداً في المنطقة الجبلية الحراجية الطبيعية، التهمت مئات الدونمات قبل أن تتمكن فرق إطفاء- من مصياف وحماة والغاب وطرطوس، والدفاع المدني والجيش العربي السوري ومروحياته- من إخماد الحريق».
الحديث الرسمي أعلاه يعيد تسليط الضوء على مفتعلي الحرائق ودورهم التخريبي في إشعال الحرائق في كل موسم وكل عام، وهو تأكيد على أحاديث المواطنين المكررة في المناطق التي تطالها نيران الحرائق، من أن بعضها مفتعل.

استعدادات شبه خلبية!

كل عام، وبعد أن يفعل موسم الحرائق فعله على مستوى التهام أجزاء إضافية من الغابات والحراج والغطاء النباتي، بل والأراضي الزراعية وبيوت المواطنين، تستنفر الجهات المعنية لوضع الخطط لمواجهة الحرائق في المواسم التالية، وها هي سيرورة مسلسل الحرائق تمضي دون أن نلمس الجدوى من هذه الخطط، ليس على مستوى منع الحرائق أو الحيلولة دونها، بل على مستوى الحد منها ومن انتشارها وتوسعها!
هذا العام، واستباقاً لذروة موسم الحرائق، تم الاعلان عن الخطة الموضوعة لمكافحة الحرائق ومواجهتها، حيث صرح مدير الزراعة في اللاذقية بتاريخ 29/7/2021، نقلاً عن صحيفة الوطن، بما يلي: «تم إقرار وبشكل سنوي قبل بداية موسم الحرائق إعداد خطة شاملة لإدارة مكافحة الحرائق، مشيراً إلى إقرار خطة عام 2021 من خلال اجتماع برئاسة محافظ اللاذقية وجميع الجهات المعنية للاستعداد وإجراء ما يلزم من قبلهم في هذا المضمون بالتزامن مع اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية الهادفة للحد من الحرائق وتقليص مساحتها في حال حدوثها».
ومن التدابير المتخذة بحسب مدير الزراعة:
ترميم الطرق الحراجية وخطوط النار المنتشرة في المواقع الحراجية لتكون سالكة أمام صهاريج الإطفاء والآليات العاملة بإخماد الحرائق.
تم شق طرق حراجية جديدة في بعض المواقع الحراجية الكثيفة والبعيدة.. مع الإشارة إلى صعوبة أو استحالة الشق في بعض المواقع نتيجة الانحدارات الشديدة والطبيعة الصخرية.
مراسلة الجهات ذات الصلة (خدمات فنية– كهرباء– سكك حديدية) لتنظيف جوانب الطرق العامة وتحت شبكات التوتر وجوانب السكك الحديدية من الأعشاب والنباتات القابلة للاشتعال قبل موسم الحرائق.
تجهيز مراكز الإطفاء بجميع المستلزمات وتعيين عمال إضافيين بموجب عقود موسمية لزيادة الكتلة العددية.
تشكيل 13 فرقة تدخل سريع من العمال الموسميين في المناطق الحراجية البعيدة من مراكز الإطفاء بهدف التعامل مع الحرائق بأسرع وقت ممكن والحد من انتشارها ريثما تصل الإمكانيات الأساسية.
توزيع صهاريج الإطفاء التابعة للمديرية على المواقع الحراجية حسب أهمية كل موقع.
وضع 19 جراراً مع مطورة مياه ومضخة لاستخدامها مع الفرق الميدانية في بعض المواقع الحراجية البعيدة التي يصعب وصول الإطفائيات الكبيرة إليها.
العمل من خلال فرق التربية والتنمية على تخفيف الكثافة الحراجية في الغابات الصنوبرية وتقليل الوقود القابل للاشتعال.
دراسة مصادر المياه في المحافظة ودعم المناطق الحراجية الفقيرة بالمياه من خلال تركيب خزانات بلاستيكية كحل إسعافي.
تأهيل بعض الخزانات البيتونية الموجودة سابقاً ضمن المواقع الحراجية لتعبئتها بالمياه والاستفادة منها في حال حدوث حريق في المواقع القريبة.
فأين تلك الاستعدادات وقد بدأ مسلسل الحرائق يلتهم الغطاء النباتي والحراج والغابات، ووصلنا الى مشارف ذروته هذا الموسم؟.

منصة رقمية لمراقبة الحرائق

تجدر الاشارة الى ان هيئة الاستشعار عن بعد، وعلى اثر الحرائق الكارثية في صيف 2020 الماضي، كانت قد أطلقت في شهر نيسان من هذا العام «منصة الغابات ومراقبة الحرائق FIRMO»، وذلك لمتابعة تغيرات الغطاء النباتي في المواقع المعرضة للحرائق.
وهذه المنصة عبارة عن: «نظام معلومات مكاني يتألف من وحدات قائمة على سلسلة معالجات رقمية متقدمة للبيانات الاستشعارية عبر منهجيات ونماذج رياضية واحصائية، إضافة إلى قواعد بيانات مكانية تخزن وتعالج وتتيح معلومات حول الغابات ومراقبة الحرائق في سورية بشكل دوري»، من خلال منتجين: الأول خريطة مؤشر خطورة نشوب الحرائق، والثاني خريطة مؤشر خطورة انتشار الحرائق، والتي تهدف «بالإسهام في التخفيف من وطأة الحرائق وأثرها، وأن تساعد فرق الحراج على الأرض في كفاءة إدارة حرائق الغابات».
من المفترض ان المنصة اعلاه تعتبر عامل مساعد استباقي جديد، يضاف الى الاستعدادات الرسمية المتخذة من أجل الحد من الحرائق ومكافحتها!.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تتم الاستفادة من الخرائط التي تعدها المنصة الرقمية أعلاه وتعلنها عبر صفحتها الرسمية؟
فالوقائع مع بدء موسم الحرائق تشير وكأن من يستفيد من معلومات هذه المنصة هم مفتعلي الحرائق والمستفيدين منها اكثر من الجهات الرسمية المعنية بمكافحة الحرائق ودرئها!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1030
آخر تعديل على الإثنين, 09 آب/أغسطس 2021 23:04