الخبز نحو تخفيض مستمر..
نادين عيد نادين عيد

الخبز نحو تخفيض مستمر..

القرارات تطحن ما تبقى من عظام المواطن... ونقول: بلغ السيل الزبى!

لم يعد هناك ما يُنهَش من لحم المواطن، فتلك القرارات قد التهمته لحماً ولفظته عظماً، وماذا بعد؟ وإلى أية زاوية تدفعون المواطن؟
المواطن السوري لم يمت من فيروس كورونا، بل ستجهز عليه الحكومة بفيروسات (الغلاء- الفساد- النهب- السياسات الليبرالية) والمصنعة وفق منهجية فتاكة، إلى ذلك الحد الذي يقتل المواطن رويداً رويداً منذ أكثر من عقد، واشتدت المنهجية اليوم للإجهاز عليه وفق سرعة قصوى أكثر.

تَوحش مدوبل وبيوم واحد؟!

لم تكتفِ الحكومة بقرارها الإبداعي الذي أقرته نهاية الشهر الفائت، والذي كانت نتيجته تخفيض الدعم عن مادة الخبز كماً، حيث أصبحت المخصصات الشهرية للفرد الواحد ضمن الأسرة عشر ربطات فقط لا غير، مقابل أنها وتُشكر على عطائها الذكي، الذي سمحت من خلاله للمواطن باختيار الجهة التي ستمنحه تلك الربطات التي أصبحت مدعومة أسمياً!
والقرار طُبق على ثلاث محافظات بتاريخ 7 تموز الحالي، على أن يتم تعميمه على باقي المحافظات خلال شهر آب القادم، طبعاً لم يبرد جرح المواطن من تبعات ذلك القرار، الذي تركه برغيفين وثلث لليوم الواحد، ليتحفونا بقرار جديد مساء يوم 10 تموز الحالي ليرتفع سعر ربطة الخبز الواحدة بنسبة 100% أي لتصبح بسعر 200 ليرة سورية، وكان ذلك القرار مترافقاً مع صدمة أشد عنفاً، حيث تم رفع سعر ليتر المازوت من 180 إلى 500 ليرة سورية.
الواضح ضمن هذا الاتجاه، أن جميع القرارات تصبّ ضمن البوتقة نفسها «تخفيض الدعم الحكومي المتواصل والمستمر حتى الرمق الأخير، بأشكاله التي تفوقت على تعبير وتوصيف التّوحش».

مواطن بين فكي «الجوع وأقنية الفساد السوداء»

مما لا شك فيه اليوم، أن المواطن لن يشبع لقمة العيش التي كانت تسنده لإكمال تعب وشقاء العيش الصعب ضمن منظومة الأزمات المفتعلة والفتاكة، فبعد تطبيق الآلية الجديدة التي تركته يقتات على رغيفين وثلث ليومه الواحد، ومتروكاً للأقدار السماوية لسد جوعه الذي يستحيل أن يعوض مع الغلاء الفاحش هذا « والذي سيزيد بعد قرار رفع مادة المازوت إلى أبعد من المنطق»، الأمر الذي سيفرض عليه اللجوء لشراء الخبز الحر عبر شبكات السوق السوداء المتغلغلة في كل مكان، والمتروكة على «عينك يا تاجر»، وقبل رفع سعر مادة الخبز الأخيرة، كانت تباع بحدود الـ1000 ليرة للربطة الواحدة، أما اليوم مع هذه القرارات الجديدة، فكم ستحلق تلك التسعيرة؟ المتروكة كأحد أبواب الفساد لأقنية شبكات السوق السوداء ومن يدعمها من خلفها، والتي تعتبر المستفيد الأول والأخير من كل تلك العملية النهبوية والممنهجة لإفقار المواطن وتجويعه، الذي بلغ حداً لا يمكن تخيل نتائجه التالية.
وطبعاً، لا يمكن غض النظر عن انخفاض جودة الخبز بشكل عام، والتي هي أحد أشكال تخفيض الدعم المدروس أيضاً، ناهيك عن حجم الفساد والنهب الذي يطال المواد الداخلة بتصنيع مادة الخبز، والتي تؤدي لاختلاف جودة الخبز بين فرن وآخر، الأمر الذي يسبب ازدحاماً كبيراً على مراكز دون غيرها، والتي أيضاً لن تحل حتى بعد إمكانية تحديد المعتمد.

المضحك المبكي والموجع!!

والأمر المضحك فعلاً، أنه مع كل هذا الكم الهائل من القرارات التي تقرها الحكومة والتي تذبح المواطن يوماً بعد يوم، وتجعل واقع عيشه أشبه بنار جهنم، ما زالت تعقد المؤتمرات تحت مسمى الإصلاح الإداري، فأي إصلاح يقصدون هنا؟ بل وأكثر ما يقهر فعلاً، تصريحات رئيس مجلس الوزراء حول مؤتمر الإصلاح الإداري: (نأمل أن يكون رضا المواطن المخرج والهدف الأساسي لهذا المشروع بما يقدم من خدمات وتخطيط وأعمال تنعكس خدمة لأهلنا جميعاً)!!
هل هذا الغلاء الفاحش يمكن أن يرضي المواطن؟ وهل عبر سياسات الإفقار والتجويع المبتكرة يكون المواطن المخرج والهدف الأساسي لهذا المشروع؟ وهل القوانين والقرارات باتت ارتجالية أم أنها مدروسة للحد المطلوب من تلك العملية؟ التي تعدت مهمة الفساد والنهب الممركز إلى أعلى حد، وباتت تخدم مصالح وتمركز ثروات النخب الفاسدة بطريقة لا يمكن أن توصف بالتوحش فقد بات هذا التعبير لا يفي بحجم الجشع والعنف الملقى على كاهل المواطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1026
آخر تعديل على الثلاثاء, 13 تموز/يوليو 2021 18:53