العروق الجافة وأبسط الحقوق..
ضمن سلسلة العمل الحكومي، وتحت شعار «نعمل لأجلكم لنذلكم»، انصدم المواطن على أخبار قاسية، وكـ «العادة» ليست بجديدة على الحكومة الموقرة، فبعد كل استراحة تأخذها الحكومة من إصدار القرارات الخُزعبلية المتخذة بحق معيشة المواطن، تصفعه بمجموعة من القرارات الجديدة تدخله في غيبوبة يصعب حتى الاستيقاظ والتأقلم معها.
بالمقابل، هناك بعض من المحاور الحياتية ليست بعيدة عما سبق، لكنها ربما تعتبر ثانوية بالمقارنة مع أساسيات الحياة والمعيشة، ومع ذلك تعتبر هامة بالنسبة لعموم المفقرين، والتي تصدرت الحديث في الشارع السوري مؤخراً مع اقتراب العيد ومناسبات الصيف.
البالة
استقطبت أسواق الألبسة المستعملة- غالبية المواطنين- لشراء ما يرغبون منtt الثياب لكون أسعارها رخيصة، فقد اضطروا أن يستغنوا عن الثياب الجديدة لغلاء أسعارها دون مراقبة، حتى وإن كانت هناك قرارات مراقبة ومعاقبة من قِبل وزارة التجارة الداخلية، فضمنياً نعلم أنها مجرد حبر على الورق، ولهذا فقد كانت «البالة» هي الخيار البديل والوحيد للفقراء، بل إنها الخيار الأفضل ربما لعامة الشعب، عدا الفئة المحظية والناهبة طبعاً.
لكن اليوم شهدت أسواق الألبسة المستعملة «البالة» ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، فاقت القدرة الشرائية للمواطن المعدوم، وقد بدت محلاتها شبه خالية من الزبائن كزميلاتها في أسواق الألبسة الجديدة، وهكذا نرى أن «البالة» أصبحت أيضاً حلماً صعب المنال للمواطنين!
حديقة تشرين والضحك ع اللحى...
من ضمن سياسية نعمل لأجلكم، تم الإعلان بتاريخ 9 الشهر الجاري ما يلي: «هااااام إغلاق حديقة تشرين، اعتباراً من صباح يوم السبت 10/7 ولغاية يوم الأحد 18/7، وذلك تحضيراً لانطلاق معرض الزهور بدورته الـ 41».
المضحك بموضوع الإعلان، أننا شهدنا خلال الأعوام الثلاثة الماضية احتكاراً لحديقة تشرين في دمشق لمدة شهر كامل، مع قابلية التمديد لهذا الاحتكار حسب الإقبال وكمية العائدات المادية الداخلة لجيوب المحتكرين.
فمنذ عام 2018 وفي مثل هذا الشهر تموز، وبالتزامن مع انطلاق معرض الزهور، تُقام فعاليات إضافية «نهبوية- انتهاكية لحق المواطن بهذه الحديقة كونها متنفسه المجاني في ظل هذا الغلاء الفاجر» تحت اسم مهرجان وشارع الأكل، والمُلفت للانتباه، أن الصفحة الرئيسية لشارع الأكل قد أعلنت بتاريخ 30 الشهر الماضي أن هناك فعالية جديدة قريباً، وتم الإعلان عن إغلاق حديقة تشرين بالكامل تحضيراً لمعرض الزهور، علماً أن معرض الزهور يتم في جزء واحد من الحديقة، ولا داعي لإغلاقها كلها.
وهذا يعني: أن هنالك حرماناً للناس الذين يتنفسون ويتنزهون بهذه الحديقة بغية الضحك ع اللحى والمكاسب المادية بحلة جديدة- مكررة، ولا ننسى بهذا الصدد أن الدخول للحديقة خلال السنوات الماضية بذريعة المعرض وغيره كان مأجوراً!؟
ممنوعون حتى من التنفس!
المنشور التالي ورد في إحدى صفحات فيسبوك:
«كيف فيني أعمل سياحة داخلية بـ 100 ألف ليرة؟؟ والله طلعت عيوني لجمعتون»..
يمكن لأي شخص يقرأ هذا الكلام أن يضحك، ليس على الشخص صاحب البوست طبعاً، بل على كمية الوجع والحرمان التي يعيشها المواطن المعدوم اليوم.
فما باليد حيلة سوى الضحك، فشر البلية ما يضحك، فعلاً: كيف يمكننا أن نقوم بالسياحة الداخلية بـ 100 ألف ليرة، حتى ولو ليوم واحد؟؟
ما دامت أسعار الرفاهية المسماة بـ «الغذاء» أي الطعام والشراب كلها محلقة بالعلالي، فكيف بأجور الشاليهات مثلاً؟ عدا عن ذلك، فقد باتت أجور المواصلات بين منطقة وأخرى بمثابة قصم الظهر، فما بالك بأجور التنقل بين المحافظات؟ خصوصاً مع ارتفاع أسعار مادتي البنزين والمازوت بين الحين والآخر.
الشارع الموجوع
كل ما يعيشه المواطن اليوم من إذلال ونهب وتجويع وإمراض.. إلخ هو مثار حديث وتهكم ووجع في الشارع، وبنفس الوقت هو دليل واضح على نتائج العمل الحكومي المزري، والتضييق الحقيقي على المفقرين من أجل عصر آخر نقطة دم في عروقهم الجافة، استغلالاً ونهباً وفساداً، فلا عقوبات مفروضة، ولا حصاراً، ولا ذرائع الحرب والأزمة وغيرها من التبريرات، يمكن أن تغطي أنواع البشاعة التي تمارس بحق المواطنين، وكذلك التغطية على العجز الحقيقي بتأمين أبسط الحقوق لإبقاء هؤلاء على قيد الحياة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1026