المواد التموينية تخفيض جديد للدعم!
بعد المقدمات والمبررات لخطر عجز تمويل المواد المدعومة، حيث وضعتنا الحكومة، خلال الفترة القريبة الماضية، بين خيارين أحلاهما مر، إما التوقف عن الدعم الحكومي، أو إجراء تعديل على الأسعار، بما يخفف من فاتورة العجز الحكومي، وطبعاً دائماً على حساب لقمة المواطن وجيبه.
كان من المؤكد أنه لا يوجد دخان بلا نار، فبعد الأخذ والرد حول إمكانية رفع أسعار مادتي السكر والرز، وبين عدم تأكيدها أو حتى نفيها من قبل الجهات المعنية، أعلنت المؤسسة السورية للتجارة بتاريخ 27 حزيران الجاري، بدء الدورة الجديدة لتوزيع مادتي السكر والرز عبر تطبيقها الذكي «وين»، بعد تمديد الدورة الحالية لعدة مرات، حيث بدأت خلال شهر شباط، وكان من المفترض أن تستمر إلى نهاية شهر نيسان الفائت، لكن مسلسل التمديد دام ما يقارب الشهرين، والمبرر الحرص على استكمال عملية التوزيع لتصل المخصصات لكافة العائلات السورية!.
ووفق إعلان المؤسسة السورية للتجارة فإن الدورة الجديدة للتوزيع ستبدأ بتاريخ 4 تموز القادم، ووفق الكميات ذاتها المخصصة سابقاً للعائلة السورية، ولكن مع إجراء تعديل بسعر المبيع، ليصبح ألف ليرة سورية لكل كيلو غرام من كلتا المادتين، أي ما تم تداوله خلال الأيام الماضية عن رفع الأسعار لم يأتِ من الفراغ، ونسبة الزيادة المقرة في السعر تقارب 100%.
فتخفيض الدعم الحكومي لا يزال مستمراً بجميع أشكاله، وعلى كافة المواد المدعومة، سواء كانت المواد التموينية أو المحروقات والغاز والخبز، وذلك من خلال تخفيض الكميات أو من خلال رفع الأسعار، وحتى عبر التأجيل والتمديد، كما حصل خلال عملية توزيع المواد التموينية للأشهر الفائتة «شباط آذار ونيسان».
فحسب تصريحات معاون مدير مؤسسة السورية للتجارة، لا علاقة لنقص التوريدات بالتأخير الذي حصل، فالكميات متوفرة وتكفي جميع المسجلين على مادتي السكر عبر تطبيق البطاقة الذكية!.
وبغض النظر عن الكميات المخصصة عبر البطاقة الذكية والسقف المسموح به لكل أسرة، فالكميات المدعومة لا تسد حاجة الأسرة، وكثيراً ما تلجأ الأسرة لشراء المواد التموينية بشكلها الحر.
فالكميات المدعومة الحالية قد جرى تخفيضها مع كل تعديل كان يطال عملية التوزيع، وآخرها التخفيض عبر تعديل الأسعار لتصبح ألف ليرة للكيلو الواحد.
الخشية من المبررات الذرائعية
المبررات الحكومية حجج جاهزة لرفع الأسعار دوماً، فخطر عجز تمويل مادتي السكر والرز يعود بحسب التصريحات الحكومية، لارتفاع تكاليف تأمينها عالمياً، وزيادة أجور الشحن والتغليف، الذي بدأ يشكل عائق لاستمرار عملية الدعم، مما أدى لإجراء زيادة بالأسعار للتخفيف من العجز الحكومي، ولابأس أن يتحمل المواطن القليل من الأعباء التي تزداد شيئاً فشيئاً.
أما الخشية من الذريعة المسوقة حكومياً، والتي رفعت الأسعار مقابلها، فهي أن هذه الذريعة ستكون مبرراً لمحتكري السوق والمتحكمين به من كبار التجار والمستوردين، من أجل زيادة أسعار السلع والبضائع في الأسواق، بالتوازي وبما يعادل نسبة الزيادة في الأسعار الحكومية، ولم لا؟ فما ينطبق على السلع الحكومية ينطبق على غيرها من السلع، وربما الخدمات أيضاً، ما يعني أننا قد نكون أمام سلسلة رفع في الأسعار، على حساب ومن جيوب المواطنين بالمحصلة.
فإلى متى سيتحمل جيب المواطن، الذي أصبح شبه فارغٍ، كل هذا الانهاك الرسمي وغير الرسمي، عل حساب حاجاته ومستوى معيشته، وربما على حساب بقائه على قيد الحياة؟!.
فبضعة الألاف المتوفرة بالجيب اليوم لم تعد كافية لثمن ربطة الخبز، والقليل من الخضار، وبعض الفواتير كالماء والكهرباء.. إلخ، التي تسدد رغم شح توفرها!.
سؤال مُلح!
ويبقى السؤال الأساسي: إن كان هناك عجز حكومي حقيقي فلماذا لا تتم تغطية العجز مثلاً عبر مشاريع تنموية تدور عبرها عجلة الإنتاج، بالإضافة إلى العمل الجدي على جباية الضرائب الحقيقة من كبار أصحاب الأرباح والناهبين، بدلاً من تغطية ذلك العجز من جيب الأغلبية المفقرة والمنهوبة، والتي من المؤكد لم يعد يتوفر لديها ما يكفي لسد رمقها؟!.
من المؤكد أن الإجابة واضحة ولا لبس فيها، فالسياسات الليبرالية المعمول بها حكومياً منذ عقود لم ولن تسفر إلا عن مثل هذه النتائج الوخيمة، وما خفي أعظم في ظل أنماط التوحش والتكشير عن الأنياب، المتزايد خلال سني الحرب والأزمة، والمستفحل مؤخراً، ولا مناص من تغيير مجمل هذه السياسات عن بكرة أبيها، رغماً عن كل من تمثل مصالحهم وتحابيهم!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1024