التشريعات الضريبية والتهرب الضريبي
أُعيد الحديث عن التشريعات الضريبية والتهرب الضريبي مجدداً وبشكل رسمي على لسان وزير المالية، وذلك خلال لقائه مع العاملين في مديرية مالية حلب الأسبوع الماضي.
كذلك كان قد ورد عبر صحيفة الوطن المحلية مطلع العام الحالي، نقلاً عن رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، أن: «حجم التهرب الضريبي حالياً يقدر بحدود 2000 مليار ليرة، وهذا الرقم يعادل إلى حد ما إجمالي قيم الدّعم الاجتماعي في موازنة العام الجاري».
الكل متهربٌ ضريبياً
بحسب ما نقل عن وزير المالية عبر بعض وسائل الإعلام، فإن «الكل متهربٌ ضريبياً»، وهناك «احتراف في التهرب الضريبي».
وقد أكد الوزير على معالجة التهرب الضريبي، معتبراً أن: «بعض المحاسبين القانونيين شركاء فعليون في التهرب الضريبي»، مؤكداً أن: «أسلوب إعفاء المقصر من منصبه لم يعد متبعاً في محاسبة المخالفين»، مبيناً أن: «البعض قد يضع مشكلة الأجور الضعيفة سبباً لتجاوزاته ومحاباته لبعض المكلفين، ومن أجل هذه الغاية سيتم العمل على زيادة نسبة الجباية إلى 5% بغية تأمين مصدر دخل آخر لمراقبي الدخل، مشدداً على أن وزارة المالية لن تعمل بعقلية الجباية كما في السابق».
لجان مُعاد تشكيلها
الحديث عن التهرب الضريبي والتشريعات الضريبية وضرورة تعديلها بما يحقق الغاية الاقتصادية والاجتماعية منها، وخاصة على مستوى العدالة الضريبية، قديم مستجد، وبين الحين والآخر تتم إعادة طرحه مع الزخم المطلوب منه، لكن دون جدوى بالنهاية.
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن وزير المالية كان قد أصدر قراراً بتاريخ 6/1/2021، تم بموجبه تشكيل لجنة برئاسته، مهمتها: «دراسة النظام الضريبي السوري، ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة، واقتراح التعديلات التشريعية اللازمة في إطار رؤية الإصلاح في السياسة الضريبية، وفي ضوء السياسة المالية والاقتصادية العامة للدولة».
مع الأخذ بعين الاعتبار، أن الحديث عن دراسة التشريعات الضريبية السورية، وتقديم الاقتراحات بشأن تعديلها، أصبح عمره الزمني عقوداً، وقد تم تشكيل الكثير من اللجان لهذه الغاية طيلة السنين الماضية، ومع ذلك لم تسفر عن النتائج المطلوبة، بدليل تشكيل اللجنة الأخيرة أعلاه، ولا ندري إن كانت ستصل إلى النتائج المرجوة منها!
فساد ضريبي وليس تهرّباً
بالعودة إلى حديث رئيس قسم المحاسبة في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، فقد اعتبر أن: «مصطلح التهرب الضريبي هو مصطلح تجميلي لحالة الفساد الضريبي، لأن المتهرب ضريبياً يستخدم كل الأساليب غير الشرعية لدفع ضريبة أقل، أي: التهرب من استحقاق مالي عليه».
كذلك قال «الكثير من كبار التجار والصناعيين يرغبون في عدم إصلاح النظام الضريبي الحالي، والبقاء على التشريع المعمول به اليوم لأنه يفتت الدخل، ومنه تفتت الضريبة المستحقة بدلاً من أن تكون ضريبة موحدة وتصاعدية».
متاهة ضريبية ومستفيدون
بعض المختصين أشاروا إلى متاهة التكليف الضريبي المعمول به وفقاً للتشريعات النافذة، حيث هناك الكثير من المطارح الضريبية، مع الكثير من الإعفاءات، ومع ذلك لا توجد هناك عدالة ضريبية. ومن الضروري بحسب هؤلاء توحيد التشريعات، وتوضيحها وتبسيطها.
فمن الواضح، أن المستفيدين من النظام الضريبي المعمول به، ومن السياسة الضريبية عموماً، هم شريحة كبار الأغنياء من التجار والمستثمرين، والمتضرر الأكبر هي خزينة الدولة، ولعل رقم التهرب الضريبي أعلاه، وبغض النظر عن مدى دقته، مؤشر على ذلك، وطبعاً لا غرابة في ذلك، فمجمل السياسات الليبرالية المتبعة منذ عقود تصب بالغاية نفسها، وربما بالسياق نفسه، ولا غرابة من عدم التوصل إلى أي شكل من أشكال العدالة الضريبية، أو الحد من التهرب الضريبي، في ظل الاستمرار بالسياسات هذه نفسها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1009