المعلمون.. ساعات عمل بلا أجور؟

المعلمون.. ساعات عمل بلا أجور؟

لابد أن مهنة التعليم هي رسالة إنسانية، لا يجب التعامل معها وكأنها تجارة ترمي إلى الربح الوفير، ولكن الحقيقة تقول: إنها تتطلب جهوداً جبارة ووقتاً وفيراً واستعداداً نفسياً، وهذه الشروط لا تتوفر لمعلم يحصل على جزء من عشرين جزءاً من حاجاته الأساسية.

فكيف له أن يؤدي هذه الرسالة، بمتطلباتها ومستلزماتها، وهو يعيش حالة من العوز الذي يشغل ذهنه ويفتت عزيمته ويحبط همته؟

فإذا طُلب من المعلّم أن يهب جل وقته في سبيل رسالته، فحري به أن ينال أبسط حقوقه، من طعام وشراب وطبابة ولباس ومسكن كريم، لا لأن يعيش حياة الترف، بل ليحفظ كرامته على أقل تقدير!

كلنا يعلم أن طبيعة العمل التي حصل عليها المعلمون مؤخراً هي في واقع الأمر لا تعدو أن تكون أجرة ساعة واحدة مما يبذله المعلم من وقت وجهد، فما هو المجهود الحقيقي الذي يبذله المعلم، وما هي طبيعة العمل المختلفة عن باقي الأعمال؟

كثيرة هي الأعمال المتوجبة على المعلم القيام بها لتنميه مهاراته وعلومه وأساليبه، ولكن أخص هنا الواجبات اليومية من تحضير للدروس واستعداد لها، فتحضير درس واحد بحسب الإستراتيجيات المطلوبة من التعليم المطور والنشط قد يستغرق ساعات طوال، لذلك يحجم الأغلبية منهم عن تنفيذها بالشكل المطلوب، أما العمل الذي لا مفر منه أمامهم فهو وضع الأسئلة واختيارها لكل مذاكرة وامتحان، وما يتبعها من تصحيح للأوراق وجدولة الدرجات على دفتره الخاص، والمحصلات والمرايا، وكل مادة لها صعوباتها في التصحيح.

فبحسب النماذج الحديثة للاختبارات تحتاج كل ورقة لتصحيحها ما يقارب خمس عشرة دقيقة، وإذا احتسبنا أن معدل العدد في كل شعبة خمسون طالباً، فيكون لدى كل معلم 200 ورقة امتحان، أي: كل 200 ورقة تحتاج إلى خمسين ساعة من التصحيح، ولا ننسى أن بعض المعلمين حسب اختصاصاتهم يدرّسون أكتر من ست شعب، ولكم أن تتخيلوا كمّ الوقت الذي يحتاجه المعلم شهرياً لتصحيح الأوراق؟

عدا عن جدولتها ووضع الأسئلة التي تستغرق أكثر من ثلاث ساعات، وكل ساعات العمل هذه تنجز في أصعب الظروف، من انقطاع للكهرباء بالإضافة إلى ضيق وقت المعلم الذي يعمل بأعمال إضافية بحثاً عمّا يسد شيئاً من رمقه، وهذا جزء يسير من الأعباء التي يتصدى لها في المدرسة، من صعوبات مع التلاميذ، وخلل في تحصيلهم التعليمي، وضبط للأعصاب، ووقوف طويل وبحة في الحنجرة.

فمتى ستضع وزارة التربية جهود المعلمين في ميزانها بدلاً من إحباطهم وتفشيلهم وذر للرماد في عيونهم؟ أم إنهم سوف يطورون التعليم بدون معلمين؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
998