الكهرباء... مأساة حقيقية في تصاعد
عمار سليم عمار سليم

الكهرباء... مأساة حقيقية في تصاعد

كنا قد وصفنا في عدد سابق التردي الحاصل في منطقة دف الشوك والريف عامة بما يخص الكهرباء وساعات التقنين التي لا تمت إلى العدالة بصلة، من حيث توزيعها وتردي الخدمة فيها، حيث وصلت ساعات التقنين إلى خمس ساعات قطع مقابل ساعة وصل، مع تقطع ساعات الوصل وضعف التيار وما يتبعه من أضرار على أجهزة الكهرباء المنزلية من غسالات وبرادات وغيرها مرتفعة التكاليف شراء وإصلاحاً، بالإضافة إلى المآسي الأخرى المترتبة على انقطاع التيار الكهربائي بشكله غير المقبول إلى حد يمكن القول فيه: إن ريف دمشق بغالبيته يعيش بلا كهرباء!

يزداد وضع الكهرباء تردياً وازدياداً في ساعات التقنين، ومنطقة دف الشوك في الريف الجنوبي لمدينة دمشق مثال على ذلك، إذ أصبحت في الأسابيع الماضية بدون برنامج للتقنين، فقد يستمر الانقطاع إلى أكثر من اثنتي عشرة ساعة متواصلة، فما هي الذريعة والمبررات التي تسوغ سوء التوزيع؟ فالمنطقة المجاورة لها التي تسمى حي الزهور بالإضافة إلى حي الميدان والزاهرة يكون التقنين فيها بمعدل ثلاث ساعات انقطاع مقابل ثلاث ساعات وصل.

حقوق وذرائع

إذا كان قاطنو العشوائيات لا يستحقون الكهرباء، فلماذا تجبى منهم الاشتراكات والفواتير؟ ولماذا منحوا عدادات للكهرباء والماء؟ أليس من حقهم أن يحصلوا عليها كغيرهم؟
لم تعد الذرائع والتبريرات التي تقدمها شركة الكهرباء مقنعة حتى للطفل الصغير، فشريحة كبيرة من المواطنين يعيشون بلا كهرباء وبالنتيجة بلا ماء، مع أخطار تفشي وباء كورونا وموجته الجديدة في هذا الشتاء.
هذا التردي، أو إن صح القول انعدام خدمة الكهرباء، قد يؤدي إلى كوارث صحية واجتماعية في ظل هذه الظروف الاقتصادية الخانقة.

فأين الحكومة من مسؤولياتها تجاه هذا الواقع المزري والقاتل؟ فهو لا يعدو أن يكون استهتاراً بمعيشة مئات الألوف من السكان الذين يطلبون ألّا يعيشوا في الظلام طول فترة الشتاء، وألّا يعيشوا في جحيم الحر طول فترة الصيف أيضاً!

أعطال خارج مسؤولية شركة الكهرباء

مع كل ما ذكر من سوء الخدمة، يضاف إليها المزيد من المشكلات التي تجعل الكهرباء شيئاً مفقوداً في هذا الحي، حيث إن الشبكات المغذية للتيار لا تحتمل ضغط الاستهلاك بسبب الكثافة السكانية، والحاجة الماسة إلى التدفئة في ساعة الوصل المرتقبة بعد اثنتي عشرة ساعة من البرد، ما يؤدي إلى احتراق الكابلات وتلف فيها مع ما يتعرض له السكان من أخطار الحرائق بسببها، أما وحدات الطوارئ، فهي بمعزل عن مسؤوليتها، فالشكاوى كما هو معلوم لا تؤتِي ثمارها إلّا بعد جمع مبلغ من المال من سكان الحي ليأتي أحد العمال لإصلاح هذا العطل بعد الإلحاح والتوسل! هذا إن وجدوا في مكاتبهم أصلاً.

مبيعات كبيرة للبدائل على حساب الفقراء

لا شك أن أكثر الشرائح شراءً لبدائل الكهرباء من بطاريات ونحوها هم ليسوا من السكان الذين تقل عندهم ساعات التقنين، بل هم من الذين أعمت أبصارهم ظلمة الشتاء من السكان الذين يستهلكونها ببضعة أشهر لانعدام الكهرباء بشكل شبه كامل.

فنشاط هذه السوق وأرباحها المتزايدة تزداد طرداً كلما ازداد التقنين وقلت ساعات الوصل، وتزداد المبيعات والأرباح كلما أبدع المستوردون باستيراد البدائل متدنية الجودة وقصيرة العمر، فنقول ببساطة: إن الكارثة التي يعيشها سكان هذه الأحياء تصب أرباحاً متزايدة وفاحشة نهباً واستغلالاً في جيوب الحيتان المتخمين الذين لم تعد تشبعهم نتائج كل الكوارث التي يعيشها الشعب السوري.

خلاصة القول: إن الكهرباء التي هي عصب الحياة المعاصرة قد بات الناس محرومين منها وأكثر الناس حرماناً هم المفقرون من سكان الأرياف وما تسمى العشوائيات التي لم يسكنوها باختيارهم، وهم بحاجة ماسة إلى حل سريع وجاد لهذه الأزمة التي بلغت ذروتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
998