تجارب فاشلة على حساب المواطنين
إبداع جديد يضاف للإبداعات الرسمية في خلق الأزمات، والمزيد من الطوابير، تمثل بقرار مراقبة عمل وسائط النقل العامة في دمشق من خلال توزيع بطاقات خاصة على كل منها، لتدوين بعض البيانات الخاصة بتاريخ التعبئة ورقم العداد وغيرها من البيانات، وذلك لضبط سير وعمل هذه الوسائط، والتأكد من أن المازوت المسلم والمخصص للنقل قد استخدم لغايته.
فقد قررت لجنة المحروقات في دمشق توزيع «بطاقة تزود» بالمحروقات شهرية على وسائل النقل العامة، من سرافيس وباصات وميكروباصات، وذلك ضمن محطات وخزانات الوقود، وذلك بحسب ما نقل عبر وسائل الإعلام.
مهمة معقدة ووظيفة جديدة
البطاقة التي جرى فرضها بموجب القرار أعلاه، تتضمن ما يلي من بيانات من المفترض تعبئتها وتدقيقها: (رقم المركبة- نوعها- اسم مالكها- خط سيرها- الكمية المخصصة لها- جدول يومي للتعبئة- رقم العداد).
وبحسب عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق لشؤون النقل والمواصلات، وفقاً لبعض وسائل الإعلام: «إن الهدف من هذا الإجراء هو التأكد من رقم الكيلومتراج على المركبات العامة بعد تزويدها بـ 30 ليتراً بشكل يومي، والتحقق من أن المركبة تصرف تلك المخصصات من خلال قراءة رقم الكيلومتراج».
طبعاً هذه المهمة الجديدة «المعقدة» فرضت تفريغ موظف من أجلها، حيث «سيتم تزويد الكازيات العامة والخاصة والمشتركة بموظف مشترك بالتعاون بين محافظة دمشق والتموين والمحروقات لمراقبة عمل الآليات»، وذلك بحسب عضو المكتب التنفيذي للمحافظة.
بيانات كثيرة ووقت مهدور
الواقع العملي يقول: إن الفترة الزمنية المفترضة للوقوف في طوابير الانتظار على الكازيات قد تزايدت من أجل تفعيل العمل بالبطاقة التي تم فرضها مع بياناتها والموظف المخصص من أجلها، وبالتالي، تزايدت أعداد وسائط النقل المتوقفة عن الخدمة خلال هذه الفترة، كما تزايد الازدحام على الكازيات، أي: إن مشكلة المواصلات داخل العاصمة لم يتم حلها، بل على العكس تفاقمت أكثر، وهو ما بدا واضحاً خلال اليومين الماضيين من تطبيق التجربة الجديدة.
وكأن قدر المواطنين أن يكونوا حقلاً للتجارب الفاشلة الواحدة تلو الأخرى، فهؤلاء وحدهم من يدفعوا ضريبة الارتجال بالقرارات وعشوائيتها، على حساب وقتهم وتعبهم، كما على نفقتهم بالنتيجة.
الإبداع مستمر وكذلك فرص التربح
يبدو أن مشكلة مراقبة عمل وسائط النقل من الصعوبة بمكان، بحيث تتكاثر معها الاقتراحات والتجارب والقرارات الارتجالية.
فالقادم بهذا الصدد، هو الحديث عن فرض «تركيب جهاز GPS بداية العام القادم لجميع المركبات، بما يسهل عملية مراقبة عملها»، وهو حديث قديم جرى تجديده الآن.
وطبعاً لا يمكن إغفال أن الجهاز الجديد سيتم تأمينه من خلال أحد المحظيين، الذي سيستورده لمصلحة المحافظة، وسيتم استيفاء قيمته مع أرباحه من وسائط النقل، الذين سيجيرونه على حساب المواطنين بالنتيجة، وكذلك عمليات التركيب والصيانة اللاحقة لهذا الجهاز، ليصبح هذا الجهاز بمثابة «البقرة الحلابة» بالنسبة للمستورد المحظي.
وكل ذلك من أجل مراقبة عمل الآليات المنفلتة عن السير من خطوطها المخصصة لخدمة نقل المواطنين في دمشق، ولا أحد يمكن أن يضمن تلك النتيجة بالنهاية، في ظل كل أنماط الفساد والمحسوبية والالتفاف على القرارات والتعليمات والضوابط، الكثيرة والمتكاثرة دون جدوى، ربما بانتظار المزيد والمزيد من الإبداعات التي لا تنتهي!
فعلاً.. عش رجباً ترى عجباً!
لتحميل العدد 993 بصيغة PDF
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 993