زيادة في معدلات القبول والموازي أحد الخيارات
كانت وما زالت الزيادة في أعداد الناجحين بنتيجة امتحانات الشهادة الثانوية تشكل عبئاً ثقيلاً على الطلاب الناجحين الذين بذلوا الجهود المضنية للحصول على نتائجهم، وخاصة المتفوقين من هؤلاء، وذلك لاقتران هذه الزيادة برفع معدلات القبول الجامعي عاماً بعد آخر.
نتائج امتحانات هذا العام لم تكن استثناءً بهذا المجال، فقد ورد عبر صحيفة الوطن بتاريخ 14/9/2020، على ضوء دراسة تم نقاشها في مجلس التعليم العالي أكدت «زيادة عدد الناجحين في الثانوية العامة هذا العام بمعدل 13% عن العام الماضي، وعن ارتفاع في شرائح العلامات وخصوصاً شريحة 230-240 علامة، بزيادة 3262 عن العام الماضي، مؤكدة أن أعداد الطلاب ضمن شريحة السنة التحضيرية تجاوز 10 آلاف طالب وطالبة»، ونقلت عن عضو في مجلس التعليم العالي، قوله: «هذا الارتفاع سينعكس على المعدلات ضمن هذه الشريحة ومختلف التخصصات، الأمر الذي سيزيد من المعدلات بنسب محددة».
دائماً مفاجأة بزيادة الأعداد
بتاريخ 17/9/2020 ورد على صفحة الحكومة الرسمية ما يلي: «قررت اللجنة العليا للاستيعاب الجامعي خلال اجتماعها اليوم قبول جميع الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية بفروعها كافة في الجامعات والمعاهد السورية للعام الدراسي 2020-2021 والبالغ عددهم /139588/ طالباً بزيادة نحو 24 ألفاً عن العام الماضي».
القرار أعلاه لم يكن جديداً، ففي كل عام يتم الإعلان عن قبول جميع الناجحين في الجامعات والمعاهد، مع اقتران ذلك بزيادة معدلات القبول الجامعي طبعاً.
أما ما يظهر وكأنه جديد في كل عام، هو الحديث عن نسبة الزيادة في أعداد الناجحين في الثانوية، وكأن ذلك خارج حدود التوقع في كل مرة، علماً أن نسبة الزيادة السنوية للناجحين من الممكن توقعها مسبقاً من خلال نسبة التزايد السكاني العام، الذي يرتبط عملياً بزيادة في أعداد التلاميذ والطلاب في مراحل التعليم كافة، مع ما يجب أن يرافق ذلك من زيادة إمكانات الاستيعاب لهذه الزيادات في أعداد التلاميذ والطلاب في المدارس أو في الجامعات.
وهنا نفترض تساؤلاً مشروعاً عن مدى قدرة الاستيعاب الجامعي الحكومي المجاني استناداً للزيادات الدورية المتوقعة مسبقاً؟
40% إلى الموازي المأجور المكلف
على ما يبدو أن قدرة الاستيعاب الجامعي، وإن تم الإعلان عن قبول جميع الناجحين، إلا أنها لم تأخذ هذه الزيادات في الأعداد في مقاعد التعليم الحكومي المجاني، الذي من المفترض أن تزيد في كل عام، بل جرى التعويض عن ذلك بدفع نسبة من هؤلاء إلى التعليم الموازي المأجور، وأصبح هذا النظام التعليمي الحكومي المأجور يحل محل المجاني تباعاً، مع غيره من أنظمة التعليم المأجورة الأخرى.
فمما خلصت إليه اللجنة أيضاً: «اعتماد نسبة للتعليم الموازي 40 % لزيادة فرص القبول في الجامعات الحكومية».
والترجمة العملية لهذه النسبة، أن حصة التعليم الحكومي المجاني هي 60% من الناجحين فقط.
طبعاً مع الأخذ بعين الاعتبار ما وصلت إليه رسوم النظام التعليمي المأجور، المسمى بالموازي من مبالغ سنوية بحسب كل كلية، بالإضافة لما يترتب على البعض من المسجلين فيه من نفقات إضافية، وهذه المبالغ تعتبر كبيرة ومرهقة بالنسبة للغالبية من المفقرين، ليس بحدودها الرقمية، بل بمقارنتها مع مستويات الدخول الشهرية لهذه الغالبية، ومستويات معيشتها.
تقليص لحساب المأجور الطبقي
الواقع العملي يقول: إن التعليم الحكومي المجاني يجري تقليصه عاماً بعد آخر، والبدائل المتاحة أمام الناجحين في الثانوية في ظل استمرار رفع معدلات القبول الجامعي محدودة بالخيارات التالية: (التعليم الموازي- التعليم المفتوح- التعليم الافتراضي- التعليم الخاص) وجميع هذه الخيارات مأجورة ومتفاوتة برسومها السنوية، ومن لا يستطيع تحمل الإنفاق من أجل متابعة تعليمه ما عليه إلا استنكاف العملية التعليمية.
لتبدو النتيجة بكل وضوح أن التعليم الجامعي يغدو عاماً بعد آخر وكأنه حكراً على المليئين وأبناء الأثرياء دوناً عن سواهم من فقراء الحال والمعدمين، لتتكرس الطبقية في التعليم، كما جرى تكريسها في كافة مناحي الحياة بكل فجاجتها.
لن نستفيض أكثر من ذلك، علماً أن هناك الكثير من نقاط الاستفاضة عن التعليم الجامعي وسياسات التعليم عموماً، بما في ذلك سياسات القبول الجامعي، التي سبق عرضها عبر صفحات قاسيون خلال السنوات الماضية.
بانتظار صدور معدلات القبول الجامعي لهذا العام، ولنا من كل بد وقفة أخرى مع تفاصيلها!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 984