حلب.. حملات صحية وندوات توعوية لا تؤتي أُكلها
نظَّمت كلية الطب في جامعة حلب مؤخراً ندوة تهدف إلى التوعية حول فيروس كورونا، وقد قدمها بعض المتختصصين بحضور عدد من طلاب الكلية والأساتذة.
الندوة هي الثانية من نوعها، والتي عادة ما تكون برعاية اليونيسيف، نراها لا تثمر إلا بما يحظى به المحاضرون مقابل ما قدموه، أما المتلقي فيعود أدراجه حائراً إثر ما دار في ذهنه بعد ما سمعه دون أن يلقى إجابات تشفي ذهنه، حيث تبقى بعض الأسئلة عالقة بلا إجابات.
تساؤلات مشروعة
فقد طُرح في ندوة كلية الطب مؤخراً عدة أسئلة بقيت معلقة الإجابات: هل سورية لديها بنية قادرة على مواجهة ومكافحة الكورونا؟ وهل كورونا وصل إلى سورية ولم يتم الإعلان عنه بعد؟ حيث تساءل مطلعون ما كان الذي يمنع المحاضرين من الإجابة بشكل واضح عن هكذا أسئلة حول مرض سريع الانتشار، قمَّة الوقاية منه تكون في الإجابة عن بعض الأسئلة المشروعة.
فهل إقامة هذا النوع من المحاضرات (الوقائية) مكان نقاشها الحقيقي بين الأطباء وطلاب الطبّ، أم عبر التوجه للعامة من الشعب، وخاصة في الأرياف والمناطق الفقيرة، التي يمكن أن تكون بؤرة حقيقية وبنية قوية لانتشار هكذا أوبئة، يصعب على بلد تغصُّ بالوافدين السيطرة عليها، كما فقدت السيطرة على شلل الأطفال متذرعة بتتالي الوافدين!.
وهنا يحضر لذهن المتلقي عدة أسئلة إضافية مفادها: هل الوافدون حقاً هم من سبَّبوا استمرار شلل الأطفال دون سواه من الأمراض السارية والمعدية، والتي كانت أكثر انتشاراً وفتكاً بالمواطن السوري؟ أم إن تتالي الوافدين يمنع وجود علاج حقيقي للمصابين القاطنين والوافدين في المنطقة؟ وماذا عن الأمراض الأشد قتلاً (كورونا) في ظل هذا التوافد المستمر، أم إن آلية الوقاية والعلاج لم يُتاح للمسؤولين التفكير بها حتى الآن؟!.
ندوات سابقة
لم تكن الندوات التي أُقيمت حول موضوع الصحة الإنجابية (أقل وطأة) عن موضوع (كورونا)، والتي تتحدث عن أهداف البرنامج والخدمات المقدمة أثناء الحمل والولادة وما إلى ذلك، موضحين أضرار تعدد الولادات دون تفسير حقيقي للمشكلة أو طرح حلول واقعية، طالما كانت بعض البيئات ترى في تعدد الولادات مورداً اقتصادياً داعماً قبل أن تجد نفسها في فخ اقتصادي يودي بحياة تلك العائلة إلى التهلكة بعد كل زيادة في عدد الأفراد.
فأين المحاضرات والندوات التي يجد فيها المواطن مبتغاه في التفسير والتحليل، وإيجاد المخارج والحلول، وإجابات على أسئلة قادرة أن تقدم تغيير حقيقي في حياة الأفراد وصحتهم...
متطوعون «بسمنة» وآخرون «بزيت»
العديد من الحملات التي أُعدت مراراً وتكراراً ضمن برنامج اللشمانيا الذي تغطيه منظمة الصحة العالمية تحت رعاية وإشراف وزارة الصحة السورية كما هو مفترض، إلّا أن غياب المتابعة الحقيقية لهذه الحملات يجعل المواطن على قدر كبير من الشك بوجود جهاز حكومي مسؤول.
فمنذ بداية الشهر الرابع من كل سنة، وحتى الشهر العاشر، تتوالى حملات اللشمانيا التي تأتي ضمن آلية رش الشوارع، وهي آلية باتت غير تقليدية، غير أن العاملين ضمن هذه الحملات هم شباب غير مختصين من طلاب الجامعة تطوعاً، وبحسب البعض من هؤلاء فإن البعض عمل في الحملة بموجب المحسوبيات والمعارف التي عملت على إضافة أسماء وهمية إلى قائمة المتطوعين، أسماء تحصل على رواتب إزاء وجودها ضمن القائمة، دون أن يكون لهم وجود على أرض الواقع.
وبحسب بعض المتطوعين فإنَّ الرواتب تقدر بالدولار وتصرف بحسب سعر النشرة الرسمية لتوزع عبر المركز «دمشق» إلى المحافظات، ومنها إلى المتطوعين، دون أيّما عدل في ظل وجود متطوعين آخرين كانوا قد خاطروا بأرواحهم في ذروة الحرب على حلب، ولم يُدفع لهم حتى ثمن الخوف والجوع الذي عانوه، وإن لم يقدَّر بثمن.
مثال حي
مما ورد إلى قاسيون واحدة من قصص قد عانى منها بعض المتطوعين بحسب ما أفادوا به من خلال تجربة سابقة، كما يلي:
فبعد تواجد سيارة طوارئ إسعافية واحدة لممرضين مختصين، من أصل عشر سيارات كان يُفترض أن تتواجد جميعها على خط جبهة حلب الجديدة، وبعد نفاد الطعام لديهم ومطالبتهم بالدعم أتى رد المسؤول: «العالم عم تموت وأنتو بدكن تاكلوا!».
مع العلم بأن مخصصات الأمم المتحدة التي كانت تصل إلى سورية من أجل الحفاظ على صحة المواطن، كانت قادرة على تغطية منطقة خط الجبهة، ولكن كانت الأولوية لناهبين لم يكترثوا لا لحرب ولا لدماء تسيل، ولا لأرواح تموت، ولا لمُحتاجين تُسرق حقوقهم عنوةً دون قدرتهم على البوح الذي يشفي صدورهم أقلها، فكان للمناطق الصحية التابعة لدائرة الرعاية الصحية في محافظة حلب، والتي كان لها نصيب ممن كانوا بانتظار فرص تسمح لهم بنهب ما تطوله أيديهم.
فبعد تحديد عدد السيارات ومخصصاتها لكل منطقة بموجب ما يتطلب الأمر، كان يُصرف من مخصصات السيارات من أجل العمل جزء مما قد خُصص لها، مقابل ما هو أكثر من النصف يذهب إلى جيوب بعض القائمين على الأمر، بدون وجود رقابة حقيقية، فمثلاً: تكون مخصصات كل سيارة 50000 يُصرف منها للسيارات ما يقارب الـ 10000 مقابل 40000 تذهب لجيوب القائمين على الأمر، وذلك بحسب بعض الشباب المتطوعين.
حملة المسح البصري
وبالعودة إلى ما بدأناه عن الحملات، لا ننسى آخر حملة وهي حملة المسح البصري لبعض الأمراض (القمل- الجرب- قصر البصر....)، وهي حملة مستحدثة تستهدف المدارس تبعاً لآلية منظمة، حيث يتم الدخول إلى الصفوف توالياً، وفحص الطلاب لمعرفة ما إذ كانوا يعانون من مرض ما، محددين نوع المرض ودرجته كتابةً على دفتر الطالب، دون تقديم أيَّ نوع من العلاج، أو حتى توجيههم المريض إلى أقرب قطاع صحي قد يكون تابعاً لمنظمة (اليونسيف) أو حتى وزارة الصحة، فنجدهم واضعين أيديهم على الألم دون معالجة حقيقية تُرجى.
فما المنتظر من أهالي الطلاب بعد علمهم بما دون في دفاتر أبنائهم أن يفعلوا؟.
فبقدر ما كان الأمر بسيطاً إلا أنه يستوجب الحل، وهم على قدر من المعرفة، إنّ أبواب العلاج الحقيقي لم تعد مجانية، حتى في المشافي الحكومية!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 957