طوابع الصحة والحياة.. استنزاف جديد للجيوب
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

طوابع الصحة والحياة.. استنزاف جديد للجيوب

رسوم جديدة تطرق أبواب الجيوب المنتوفة، وهذه المرة بذريعة الضمان الصحي، فقد ثبتت الرؤية على ما يبدو بهذا الصدد، وسوف يتم تأسيس شركة مساهمة مغفلة متخصصة بأعمال التأمين الصحي، وسوف يصار إلى فرض رسوم جديدة باسم «طوابع على الصحة والحياة» كمصادر لتغطية نفقات التمويل الطبي.

الحديث عن الرسوم والشركة ليس بجديد، لكنه كان ضمن الاقتراحات والدراسات، ليأتيَ التأكيد عليها رسمياً على لسان وزير المالية نفسه مؤخراً، وذلك في معرض حديثه عن الخدمات الصحية التابعة لوزارتي الصحة والتعليم العالي ومشروع التأمين الصحي، وذلك بحسب ما ورد عبر صحيفة تشرين بتاريخ 17/10/2019.

تذكير

تجدر الإشارة إلى أن قاسيون سبق أن أشارت في مادتها المعنونة: «برعاية حكومية.. قطاع التأمين يبحث عن مزيد من الأرباح على حساب الصحة» المنشورة بتاريخ 9/9/2019، إلى ما تمَّت تسميته «البرنامج الوطني لسورية ما بعد الحرب» والذي تضمن برنامجاً خاصاً بتعميم الضمان الصحي، ليصبح شاملاً لجميع أفراد الأسرة، وذلك بحسب ما نقله عن رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي حينه، ومما ورد في المادة: «تعميم الضمان الصحي ليصبح شاملاً لجميع أفراد الأسرة غايته نقل الفرع التأميني الخاص بالضمان الصحي من الخسارة إلى الربح كي يستقطب شركات التأمين الخاصة، أي تجيير النموذج التكافلي لمفهوم الضمان الصحي لمصلحة هذه الشركات أولاً وآخراً، وفقط لا غير، وبغضّ النظر عمّا يمكن أن تستفيد منه هذه الأسر وأفرادها على مستوى الرعاية الصحية المطلوبة، وبغض النظر عن الضرورة التي فرضت نفسها خلال سنوات الحرب والأزمة، والحاجة المستمرة للطبابة والاستشفاء خلال سنوات ما بعد الحرب، وكل ذلك برعاية ودعم حكومي».

رسمياً

بالعودة إلى حديث الوزير عبر صحيفة تشرين فقد أوضح أنه: «تم تشكيل لجنة رئيسة مؤلفة من جهات عديدة لإعداد رؤية هيكلية وإدارية وتنظيمية لمشروع التأمين الصحي انبثقت عنها 4 لجان فرعية خرجت بخطوات تمهيدية للخطوات المستقبلية التي يجب أن ينتهجها قطاع التأمين الصحي، وتحدد الطريق للوصول إلى منتج تأميني حقيقي، وهناك مستلزمات أساسية هي العنوان الأهم لهذه الخطوات، والهدف من ذلك تعزيز الرعاية الصحية في سورية من خلال تطوير مشروع تأميني متكامل, وأشار إلى أن هذه اللجان الأربع درست الواقع التأميني الحالي، ومن أهم مخرجات اجتماعات اللجنة التشريعية تأسيس شركة مساهمة مغفلة متخصصة بأعمال التأمين الصحي تعمل وفق أنظمة محددة نظراً لخصوصية موضوع التأمين، وبرأسمال يتراوح بين 3- 4 مليارات ليرة سورية، يتمثل نطاق عملها بالتغطية التأمينية للعاملين في القطاع العام والمشترك وعائلاتهم وتسهم جهات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي بنسب متفاوتة فيها».
وأضاف الوزير: «إنّ لجنة التعريفات وضعت دراسة للوصول إلى تعرفة جديدة للخدمات الصحية في المشافي، ومراكز الأشعة ولدى الأطباء وبقية الخدمات الصحية، أما لجنة دراسة مصادر التمويل التي درست مصادر تغطية نفقات التمويل الطبي فاقترحت 9 مصادر للتمويل، منها تحصيل رسوم طوابع على الصحة والحياة، ومنها السجائر ومشتقات التبغ والمشروبات الكحولية، ورسم على المركبات المؤمنة. وبيّن أنه يمكن تحصيل نحو 64 مليار ليرة عبر هذه الطوابع، تتم الاستفادة منها في تقديم الخدمات الصحية للمؤمنين, علماً أن هناك نحو 880 ألف علبة سجائر تباع يومياً في الأسواق يمكن فرض رسم الصحة والحياة قد تصل قيمته إلى 75 ليرة وتحصيل مبالغ يستفيد منها المؤمن صحياً..».

السطو على فتات الجيوب

أي إن الموضوع لم يقف عند حدود الرسوم التي سيتم فرضها من خلال «طوابع على الصحة والحياة» كمطارح جديدة للسطو على فتات جيوبنا، بل هناك تعرفات جديدة للخدمات الصحية أيضاً، وهي لا شك تحمل رفعاً بأسعارها، وهذه وتلك لن تكون جبايتها إلا من جيوبنا زيادة على ما كل ما يُجبى ويُستنزف منها سابقاً، وعلى حساب تراجع صحتنا بالنتيجة، وكله من أجل تأمين مصادر ربح مضمونة لشركات التأمين وللشركة المستحدثة «التشاركية».
فعن أية «صحة وحياة» يجري الحديث هنا، فصحتنا تترّدى وحياتنا تذوي، والحكومة تحابي بسياساتها أصحاب الثراء على حساب استنزاف المزيد من جيوبنا وحياتنا وصحتنا ومستقبلنا، ولعل الحديث عن الشركة الجديدة ورسوم «الصحة والحياة» التي سيتم فرضها على المواطنين كرمى عيون شركات التأمين والاستثمار الخاص تذكرنا بمقولة «إدواردو غاليانو» المتداولة كثيراً بين الناس وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، والتي تقول: «نحن لا نعاني من شحة الأموال إنما من وفرة اللصوص».

معلومات إضافية

العدد رقم:
936
آخر تعديل على الإثنين, 21 تشرين1/أكتوير 2019 13:44