الطرق والجسور كوادر منسية ومستقبل محفوف بالمخاطر
الشركة العامة للطرق والجسور هي إحدى شركات القطاع العام الإنشائي الهامة، وقد أحدثت نتيجة لدمج شركة قاسيون والشركة العامة للطرق وفروع الطرق في الشركة العامة لاستصلاح الأراضي، بموجب المرسوم التشريعي رقم (168) لعام 2003م برأسمال وقدره (2 مليار ليرة سورية).
هذه الشركة وبرغم ما عانته شركات القطاع العام الإنشائي طيلة السنين الماضية، فقد كانت مكتفية بذاتها دوناً عن واقع الشركات الشبيهة الأخرى التي احتاج بعضها للدعم والمؤازرة، سواء على مستوى إيجاد جبهات العمل، أو على مستوى تغطية إنفاقها السنوي، حتى على مستوى رواتب وأجور بعض الفروع المتوقفة فيها، مع تحقيق بعض الإيرادات، ومع ذلك فإن كادراتها الهندسية والفنية الخبيرة كانت خارج الأضواء الحكومية على ما يبدو، الأمر الذي حز في نفوس هؤلاء.
استبدال الكفاءات
الشركة تعتبر شركة مقاولات عامة، فهي تعمل في مجال إنشاء الطرق والجسور والسكك الحديدية والأنفاق والعقد الطرقية والصوامع والمطاحن وصيانتها، والأعمال التابعة لها، أو المرتبطة بها داخل وخارج الجمهورية العربية السورية (روسيا- لبنان- السودان-..)، وقد كان لها باع طويل على مستوى تراكم الخبرات العملية في مجال الأعمال الإنشائية، بكوادرها الهندسية والفنية الخبيرة، رغم استنزاف بعضها، وقد حصلت على الكثير من الثناءات والتقدير في مجال عملها والمشاريع التي أقدمت عليها ونفذتها وفقاً للشروط الفنية والهندسية المطلوبة، والشواهد الإنشائية الكثيرة المنتشرة بالقطر دليل واضح عن أعمالها.
مؤخراً، تم تعيين مدير عام للشركة من خارج ملاكها وكادراتها الهندسية، وهو أمر وإن ترك بعض الأثر في نفوس بعض المهندسين المخضرمين من أصحاب الكفاءات بالشركة، إلّا أنه كان قراراً حكومياً من واجب هؤلاء الالتزام فيه دون شك، بحكم التزامهم بعملهم وبالقوانين الناظمة.
لكن ما حزّ بنفسهم أكثر هو بعض التنقلات التي جرت بعد ذلك، حيث بدأت عمليات النقل تطال بعض هؤلاء، واستبدالهم بآخرين من خارج ملاك الشركة، بموجب قرارات من المدير العام الجديد.
فمع التقدير للكفاءات والخبرات ودون الانتقاص من أهمية أي منها، فهؤلاء أيضاً خبراء بمجالهم وبمواقعهم، وهم الأقدر على إدارة قطاعاتهم بمختلف مستوياتها، كونهم أبناء الشركة، ولديهم الكفاءة والخبرة الكافية لذلك.
إلى الترهل والانكفاء
بعيداً عن الخوض بموضوع المحسوبيات والوساطات وغيرها من القضايا المنبوذة على مستويات العمل الإداري بشكل عام، والفني بشكل خاص، فإنه ربما لهذه التغييرات أثاراً أكثر سلباً على مستوى المشاريع المزمعة، وجبهات العمل المطلوب إيجادها لاحقاً، كي تستمر الشركة بنفس وتائر العمل التي وضعها بالمرتبة الأولى على مستوى شركات القطاع العام الإنشائي.
فتحييد الكفاءات والخبرات الموجودة في الشركة وتجاهلها لن يؤدي إلّا إلى الترهل والتراجع من الناحية العملية، وهو ربما يتعارض مع المقدمات التي تتحدث عن مرحلة إعادة الإعمار وضرورة الاعتماد على بعض شركات القطاع العام الإنشائي في هذا المجال، خاصة وأن سمعة هذه الشركة وواقع إنجازاتها يؤهلها لتكون موضع التركيز لتكون لها حصة جيدة ولا بأس من جبهات العمل القادمة تنافساً مع غيرها من الشركات الأخرى.
والسؤال المطروح على ألسنة الكثير من مهندسي الشركة وكفاءاتها: هل المطلوب الحفاظ على هذه الشركة وكفاءاتها لتنجز ما يمكن أن يطلب منها لاحقاً، أم المطلوب انكماشها وتراجعها، وربما انكفاؤها نهائياً؟